كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٢٨٩
بيناه في العلم الإلهي لاستحالة أن يكون الاتفاقي دائما وأكثريا - وثالثتها - إن النتيجة ضرورية وقد بان في المنطق أيضا.
الثالث والعشرون: للإنسان حالتان دار الدنيا ودار الآخرة والأولى سماها الله تعالى درا الغرور واللهو واللعب وفي مشاهدتنا أن البليات فيها لاحقة للأنبياء والأولياء وهي منقضية وقد أحكمها الله تعالى وأحكم خلق بدن الإنسان وجعل فيه من القوى المدركة والغاذية وما يتوقف عليه وجعل له قوى العلوم وبمراتبها وفيه من العجائب ما يبهر عقل كل عاقل ولا يعرف ذلك إلا من وقف على علم التشريح ثم خلق من المطعومات والمشمومات والمركوبات والنبات والحيوان والمعادن وحركات الكواكب وتأثيراتها بالحر والبرد ما يدل بصريحة على تمام حكمة صانعة فتبارك الله أحسن الخالقين ثم قال تعالى خلق لكم ما في الأرض جميعا تكرمه لبني آدم فالعاقل إذا أمعن النطر بصحيح الفكر والاعتبار يجد هذه الدار التي سماها لهوا ولعبا ودار الغرور بهذه الحكمة ويكرم الإنسان فيها بهذه الكرامة بهذه المنافع لم يهمل دار قراره وآخرته بأن لا ينصب إماما معصوما يحصل اليقين بقوله يحفظ الشرع ويقيم نظام النوع ويهديه ويلزمه الطريق الذي يوصله إلى دار القرار بل يجعل ذلك موكولا إلى الخلق ولا يجعل فيهم معصوما ليختار أرباب العقول الضعيفة والقوى الشهوية والغضبية والقوية بعقلهم من لا يحصل اليقين بقوله هو ولا يؤده بفعله إذ يجوز عليه الخطأ أو أكبر منه فلا يحصل له طريق إلى اليقين بحكم الله تعالى فكيف يمكن إحكام أمور الإنسان في هذه الدار وإهمال أموره في تلك الدار مع أن هذه الدار ليست بمقصودة بالذات إنما المقصود تلك وهذا ينافي الحكمة بالضرورة وما ينافي الحكمة بالضرورة لا يقول به من له أدنى فطنة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
الرابع والعشرون: الدليل لا بد أن يمتنع معه نقيض المدول وإلا لم يكن دليلا وحجة وقول الإمام دليل وفعله دليل على الصواب فيمتنع عليه نقيضه ولا نعني بالعصمة إلا ذلك.
الخامس والعشرون:
خلق الله تعالى للإنسان طرقا لمعرفة منافعه في
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست