كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٢٨٦
السرير فإنه علة لفعل الصانع له ومعلول له - الثانية - إن جعل ما ليس بعلة علة من الحكيم العالم به قبيح محال - الثالثة - إنه تعالى عالم بكل معلوم وهو حكيم - الرابعة - اللام في قوله لتنذر لام الغاية وهو ظاهر إذا تقرر ذلك فنقول: جعل الله تعالى ذا الغاية المذكورة وهي الإبذار أشياء، أحدها وجود المنذر، وثانيها أنه مرسل، وثالثها أنه عليه السلام على صراط مستقيم، ورابعها أن ذلك الصراط المستقيم تنزيل العزيز الرحيم وكذا إرساله عليه السلام فعرفنا إن الانذار موقوف على هذه الأشياء أما توقفه على نصبه تعالى إياه رسولا فلترجيح وجوب طاعته من بين بني نوح ولدفع اعتراض المعترضين فإن كلامهم مع المماثلة في عدم نصبه تعالى أوجه من المماثلة البشرية وأما توقفه على كونه على صراط مستقيم فلأنه لو كان طريقه غير صحيح في الكل كان اتباعه قبيحا فيتوجه الحجة للمكلفين على عدم اتباعه وإن كان في البعض لم يكن كلامه وفعله وطريقه دالا على الصواب لأنه أعم منه حينئذ ولا دلالة للعام على الخاص فيكون حجة المكلف في ترك اتباعه أظهر فتعين أن يكون طريقه صوابا دائما وأما توقفه على كونه منزلا من عند الله فبمعرفة صحة ما لم يدركه العقل في الأمور النقلية وانتفاء عذر المكلف بعدم إدراك عقله إياه في الأمور والنظرية التفصيلية إذا تقرر ذلك فشرط في الإمام أيضا كونه بنصب الله تعالى وبأنه على صراط مستقيم أي كون أمره ونهيه وإخباره وفعله وتركه صوابا كونه من عند الله لمشاركة النبي الإمام في الغاية وهي الانذار وحمل المكلفين وإلزامهم بذلك ويكون الفارق أن النبي صلى الله عليه وآله يعلمه بالوحي وهذا يعلمه من النبي عليه السلام فدعاء النبي والإمام إلى شئ واحد وهما معا على صراط مستقيم وهو يرد من عند الله إلى النبي بالوحي وإلى الإمام بإخبار النبي عليه السلام إياه وإنما يتحقق ذلك مع كون الإمام معصوما.
الخامس عشر: إنه جعل في هذه الآية إن بعد هذه الأمور حق القول عليهم فمع الاخلال بشئ منها لا يلزم ذلك فبعد موت النبي عليه السلام وإن لم يوجد من له هذه الصفات أعني وجود المنذر وكونه بنصب الله تعالى وكونه على صراط مستقيم وأنه يرد من عند الله والفارق بينهما أن النبي رسول
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست