كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٢٠٨
لا يقال: هذا النوع من التلازم لا يعقل إلا في الإضافات، لأنا نقول: لما رأينا لهذا النوع من التلازم مثلا من الموجودات افتقر دعوى انحصاره في الإضافات إلى البرهان.
أجاب عنه أفضل المحققين خواجة نصير الدين الطوسي بأن المفهوم من كون الشئ غنيا عن غيره ليس إلا صحة وجوده مع الغير، وكون البيان هو الدعوى بعينه يدل على أن الدعوى واضح بنفسه غير محتاج إلى برهان وإنما أعيد ذكره بعبارة أخرى ليرتفع الالتباس اللفظي، وأما المتضايفان، فليس كل واحد منهما غنيا عن الآخر كما ظنه، وليس الاحتياج بينهما دايرا كما ألزمه بل هما ذاتان أفاد شئ ثالث كل واحد منهما صفة بسبب الآخر، وتلك الصفة هي التي تسمى مضافا حقيقيا فإذن كل واحد منهما محتاج لا في ذاته بل في صفته تلك، وهذا لا يكون دورا، ثم إذا أخذ الموصوف والصفة معا على ما هو المضاف المشهور حدثت جملتان كل واحدة منهما محتاجة، لا في كلها بل في بعضها إلى الأخرى، لا إلى كلها بل إلى بعضها غير المحتاج إلى الجملة الأولى، فظن أن الاحتياج بينهما دائر ولا يكون في الحقيقة، كذلك فإذن ليس التلازم بينهما على وجه الاحتياج لأحدهما إلى الآخر على ما ظنه ولا على سبيل الدور فظهر من ذلك أن المعية التي تكون بين المتضايفين ليست من جنس ما تقدم بطلانه بل هي معية عقلية معناها وجوب تعقلهما معا.
وفيه نظر فإن كل واحد من معلولي العلة إذا نظر إليه مع علته كان مستغنيا عن الآخر، ولا يصح وجوده مع عدم الآخر بهذا الاعتبار، وكون الدعوى هو البيان مصادرة على المطلوب الأول، ولا يدل على وضوحه، وقد حذر في المنطق عن استعماله، وكيف يصح تسميته بالبيان مع أنه لم يستفد منه شئ، والمضافان قد يعني بهما تارة الذاتان اللتان عرضت الإضافتان لهما كذات الأب وذات الابن وتارة نفس العرض، ويسمى، المضاف الحقيقي كالأبوة والبنوة وتارة المجموع من الذات مع الإضافة الحقيقية، ويسمى المضاف المشهور، وبحثنا في الإضافة الحقيقية.
فنقول: هنا إضافتان هما الأبوة والبنوة وهما ذاتان وجوديتان عندهم
(٢٠٨)
مفاتيح البحث: الظنّ (2)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست