كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ١٥٤
السادس عشر: القوة الشهوية والغضبية ليستا بمقدورتين لنا وفائدتهما إنه لولا هما لم يكن في التكليف كلفة ومشقة ولكان الفعل والترك متساويين بالنسبة إلى القدرة ولا مرجح لفعل القبيح إلا هما، فإن انتفتا كان فعل القبيح بمجرد قبحه وكشف الشرع له قريبا من الممتنع، فلم يحتج إلى التحذير التام والزجر الوافر الأقسام، فاقتضت الحكمة خلفهما والعقل لا يفي بترجيح ترك مقتضاهما، فإنهما أغلب في أكثر الناس وطاعة كثير من الناس للقوى الوهمية أكثر من طاعتهم للقوى العقلية، فلولا وجود شئ آخر يقتضي ترجيح ترك مقتضاهما لكان فعل مقتضاهما يقرب من الالجاء والاكراه، فما كان يحسن العقاب على فعل المعاصي، وليس المعاون للعقل قوة داخلية بل لا بد من الانتهاء إلى من يتمكن من دفع شهوته بقوته العقلية وتكون القوة العقلية فيه وافية بذلك، وذلك هو المعصوم لوجود المانع من فعلها، ومع وجود المانع لا تأثير للسبب.
السابع عشر: لو لم يكن معصوما لكانت قوته الشهوية غالبة عليه، فلا يصلح للمانعية.
الثامن عشر: الناس على ثلاثة أقسام طرفان وواسطة:
الأول: من قوته العقلية وافية بمعارضة القوة الشهوية بحيث لا يرجح مقتضى القوة الشهوية ويفي بمنعها دائما.
الثاني: من قوته الشهوية غالبة دائما.
الثالث: من تفي قوته العقلية بالمنع في وقت دون وقت.
الأول: هو المعصوم. والثاني: هو الفاجر الداخل تحت قوله تعالى:
(ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، ولهم عذاب عظيم) فإن أبصارهم كلما أبصرت التغير المقتضي للتفكر في آثار رحمة الله وغضبه المقتضية للانزجار منعتها القوة الشهوية وكذلك سمعهم كلما وردت عليه الأوامر والنواهي والمواعظ والدلائل المقتضية للانزجار منعته القوة
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست