كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ١٤١
الرابعة: ترك اعتبار ذاته، فإذا انقطع عن نفسه واتصل بالحق رأي كل قدرة لا نسبة لها إلى قدرته المتعلقة بجميع المقدورات، وكل علم لا نسبة له إلى علمه الذي لا يعزف عنه مثقال ذرة في السماوات والأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، فصار قدرة الحق بصره الذي به يبصر وسمعه الذي به يسمع، وقدرته التي يفعل بها، والعلم الذي يعلم منه تعالى، فلا يردع شئ منها عن مرضاته تعالى، لأن الإمام يجب أن يكون له الكمال الأسنى لما يأتي.
الستون: الإمام له حالتان، الأولى: أن يكون له القدرة بحيث لا يقدر مع الاشتغال بالحق على الالتفات إلى غيره لشدة الاشتغال به فقط، ويكون غافلا عما سواه كما نقل عن علي عليه السلام إنه إذا أرادوا إخراج نصل منه قصدوا أوقات مخاطبته لله تعالى.
الثانية: أن تفي القوة بالأمرين تتسع للحاستين فلا تكون الأمور الخارجية شاغلة إياه عن الحق ليكون أنفس الخلق في بهجة الحق، فدائما هو مراقب الحق وملاحظ بجنابه، وهذا أعظم الصوارف عن المعاصي.
الحادي والستون: الإمام إشجع الناس لما يأتي، وكيف لا وهو بمعزل عن تقية الموت وجواد، وكيف لا وهو بمعزل عن محبة الباطل وصفاح، وكيف لا ونفسه أكبر من أن يجرحها زلة بشر ونساء للأحقاد، وكيف لا وذكره مشغول بالحق، فيلزم من ذلك قهره للقوى الشهوية، وإلا لم يكن شجاعا والغضبية، وإلا لم يكن صفاحا، وللحقد وإلا لن يكن نساء للأحقاد، فلا يصدر عن هذه القوى مقتضاها، فلا يصدر منه ذنب لأن الذنب مصدر هذه القوى لا غير.
الثاني والستون: الإمام لا يلتفت إلى القوى البدنية والشهوية البتة في وقت ما وإلا لكان غيره في تلك الحال إذا لم يلتفت أفضل منه من هذه الجهة لكن الإمام أفضل من الكل في كل الأوقات من كل الجهات، وفاعل المعاصي لأجل ذاته ما لا غير فهو في تلك الحال ملتفت إلى ذاته معرض عن
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست