كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ١١٩
القبيح في نفسه وقبح الحسن وهو محال.
السابع عشر: قوله تعالى: (وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) والإمام المعصوم لطف في هذا التكليف، وفعله موقوف عليه من جهة العلم والعمل كما تقدم تقريره فيجب وإلا لناقض الغرض وهو على الحكيم محال.
الثامن عشر: قوله تعالى: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين) إلى قوله: (والله يجب المحسنين) والاستدلال بها من وجوه:
الأول: مراده من التكليف هذه الغاية، والإمام المعصوم لطف فيه، وفعله يتوقف عليه فيجب فعله وإلا لناقض الغرض.
الثاني: إن ذلك لا يعلم إلا من الإمام كما تقدم.
الثالث: إن خلقهم على جهة التكليف للتعريض للمنافع تفضل، وقد فعله الله تعالى، واللطف المقرب من ذلك بعد خلقهم على جهة التكليف، وتكليفهم أولى أن يفعله الله تعالى وهو المعصوم، وهل يتصور من الحكيم تعالى التفضل بخلق الخلق وتكليفهم للتعريض للمنافع، ولا يخلق لهم الإمام المعصوم الذي هو مقرب إلى ذلك ومبعد عن القوى الشهوية والغضبية المبعدة عن ذلك الغالبة في أكثر الأمور، وهذا لا يجوز في الحكمة ولا يتصوره عاقل.
التاسع عشر: قوله تعالى: (ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين) هذا دليل على ثبوت المعصوم، إذ غيره ظالم والذي يتخذه الله شاهدا له العدالة المطلقة التي هي العصمة، وبالجملة فهو غير الظالم أعني غير المعصوم، فيكون هو المعصوم (1).

(1) قدمنا سابقا أنه لا ملازمة بين عدم العصمة والظلم فلا يلزم أن يكون الشهداء المعصومين فحسب، ولكن أسلفنا أيضا إن الشهداء يجب أن يكونوا معصومين لا من ناحية مقابلة الشهداء للظالمين، ولكن من جهة أن الشهيد فوق المشهود عليه، ولو كان مثله في جميع الجهات لما كان أولى بهذه المنزلة، ولو كان يجوز عليه الخطأ في الشهادة لما صح أن يجعله العليم سبحانه شهيدا، فلا بد أن يكون معصوما لئلا يخطئ في تحمل الشهادة وأدائها أمام الله تعالى.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست