للمؤمن كأطيب ريح يشمه، فينعس بطيبه، وينقطع التعب والألم كله، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب، أو أشد.
قيل: فإن قوما يقولون: أنه أشد من نشر بالمناشير، وقرض بالمقاريض، ورضخ بالأحجار، وتدوير قطب الأرحية في الأحداق قال: كذلك هو على بعض الكافرين والفاجرين، ألا ترون منهم من يعافي تلك الشدائد؟ فذلكم الذي هو أشد من هذا، وهو أشد من عذاب الدنيا.
قيل له: فما لنا نرى كافرا يسهل عليه النزع فينطفي وهو يتحدث ويضحك ويتكلم، وفي المؤمنين أيضا من يكون كذلك، وفي المؤمنين والكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد؟ فقال: ما كان من راحة المؤمن هناك فهو عاجل ثوابه، وما كان من شدة فتمحيصه من ذنوبه، ليرد الآخرة نقيا نظيفا مستحقا لثواب الأبد لا مانع له دونه.
وما كان من سهولة على الكافر، فليوفى أجر حسناته في الدنيا، وليرد الآخرة - وليس له إلا ما يوجب عليه العذاب، وما كان من شدة هناك على الكافر، فهو ابتداء عقاب الله له بعد نفاد حسناته، ذلكم بأن الله عدل لا يجور.
(1342 / 6) ودخل موسى بن جعفر (عليهما السلام) على رجل قد غرق في سكرات الموت، وهو لا يجيب داعيا، فقالوا له: يا ابن رسول الله، وددنا لو عرفنا كيف الموت، وكيف حال صاحبنا؟ فقال (عليه السلام): الموت هو المصفاة يصفي المؤمنين من ذنوبهم، فيكون آخر ألم يصيبهم كفارة آخر وزر بقي عليهم، ويصفي الكافرين من حسناتهم، فيكون آخر لذة أو نعمة أو راحة تلحقهم. وهو آخر ثواب حسنة تكون لهم، وأما صاحبكم هذا، فقد نخل من الذنوب نخلا، وصفي من الآثام تصفية، وخلص حتى نقي كما ينقى الثوب من الوسخ، وصلح لمعاشرتنا أهل البيت في دارنا دار الأبد.