المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ٢٦
قال العلوي: القرآن فيه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات وفيه ظاهر وباطن فالمحكم الظاهر يعمل بظاهره، أما المتشابه فاللازم أن تنزله على مقتضى البلاغة من إرادة المجاز والكناية والتقدير وإلا لا يصح المعنى لا عقلا ولا شرعا فمثلا: إذا حملت قوله تعالى * (وجاء ربك) * على ظاهره فقد عارضت العقل والشرع لأن العقل والشرع يحكمان بوجود الله في كل مكان وأنه لا يخلو منه مكان أبدا، وظاهر الآية تقول بجسمية الله، والجسم له حيز ومكان، ومعنى هذا أن الله لو كان في السماء خلا منه الأرض ولو كان في الأرض خلا منه السماء، وهذا غير صحيح لا عقلا ولا شرعا.
قال العباسي: إني لا أقبل هذا الكلام، وعلينا أن نأخذ بظواهر آيات القرآن.
قال العلوي: فما تصنع بالآيات المتشابهات؟؟، ثم إنك لا يمكنك أن تأخذ بظاهر كل القرآن، وإلا لزم أن يكون صديقك الجالس إلى جنبك (وهو من علماء السنة وكان أعمى البصر) من أهل النار؟
قال العباسي: ولماذا؟
قال العلوي: لأن الله تعالى يقول: * (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) * فحيث أن الشيخ أعمى الآن في الدنيا فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا، فهل ترضى بهذا يا شيخ - يقصد الشيخ الأعمى -؟
قال الشيخ: كلا، كلا فإن المراد ب‍ (الأعمى) في الآية: المنحرف عن طريق الحق.
قال العلوي: إذن: ثبت أنه لا يتمكن الإنسان أن يعمل بكل ظواهر القرآن.
وهنا اشتد الجدال حول ظواهر القرآن، وهذا والعلوي يفحم العباسي بالأدلة والبراهين.
قال الملك: دعوا هذا الموضوع وانتقلوا إلى غيره.
قال العلوي: ومن انحرافاتكم وأباطيلكم - أنتم السنة - حول الله سبحانه أنكم تقولون: إن الله يجبر العباد على المعاصي والمحرمات ثم يعاقبهم عليها؟
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست