المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١٥٨
فإن قبلوه مطلقا ففي ذلك من فضائل الشيخين جملة من الصحيح والضعيف، وإن ردوه مطلقا بطل اعتماده بما ينقل عنهم، وإن قبلوا ما يوافق مذهبهم أمكن المخالف رد ما قبلوه والاحتجاج بما ردوه. والناس قد كذبوا في المناقب والمثالب أكثر من كل شئ (1).
ابن مطهر: قال تعالى: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * وقد أجمعوا أنها نزلت في علي.
ابن تيمية: إن قولك (أجمعوا أنها نزلت في علي) من أعظم الدعاوى الكاذبة، بل أجمعوا على أنها لم تنزل في علي بخصوصه. ثم نعفيك من ادعائك الإجماع ونطالبك بسند واحد صحيح.
ولو كان المراد بالآية أن يؤتي الزكاة في حالة الركوع لوجب أن يكون ذلك شرطا في الموالاة ولا يتولى المسلم إلا عليا فقط، فلا يتولى الحسن ولا الحسين ثم قوله: * (الذين يقيمون) * صيغة جمع فلا تصدق على واحد فرد. وأيضا فلا يثنى على المرء إلا بمحمود، وفعل ذلك في الصلاة ليس بمستحب، ولو كان مستحبا لفعله الرسول (ص) ولحض عليه وكرر على فعله.

(١) الرد على ابن تيمية هنا يقوم على جانبين:
الأول: إن الكثير من المفسرين والفقهاء نقلوا أن هذه الآية نزلت في الإمام علي منهم السيوطي في الدر المنثور، والواحدي في أسباب النزول وابن مردويه وابن عساكر وابن أبي حاتم وذلك غير ما ذكر ابن المطهر.
الثاني: أن الاحتجاج ابن تيمية بما يرويه النقاشي والثعلبي وأبي نعيم احتجاج واه. إذ أن ابن المطهر يحتج على أهل السنة بكتبهم ولا يلزم ذلك قبول ما فيها أو الاحتجاج بها عليه. وسبحان الله هل يريد ابن تيمية أن يحتج عليهم بالكافي الذي لا يعترفون به مثلا..
إن ابن المطهر والشيعة عموما لا يقبلون مصادر السنة بل يردونها ولو قبلوها ما كان هناك خلاف لكن هذا لا ينفي اتخاذها وسيلة احتجاج على أصحابها الذين لا يعترفون بمصادر الشيعة. وهذا يعد من أقوى صور الاحتجاج. أن يبرهن على الحق بمصدر الخصم وأسانيده..
أما قول ابن تيمية أن الناس قد كذبوا في المناقب والمثالب أكثر من أي شئ. فهو حجة عليه إذ مثلما يرد مناقب علي وآل البيت ويشكك فيها عليه أن يلتزم بذلك في مواجهة مناقب خصومهم.
لكن ما الحيلة مع كان هواه مع معاوية وبني أمية، ونهجه التغطية على مثالب من أوجدوهم ومهدوا لهم..
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست