شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٣٧٤
إذا اتصلت " ما " غير الموصولة بإن وأخواتها كفتها عن العمل، إلا " ليت " فإنه يجوز فيها الأعمال [والاهمال] فتقول: " إنما زيد قائم " ولا يجوز نصب " زيد " وكذلك أن [وكأن] ولكن ولعل، وتقول:
" ليتما زيد قائم " وإن شئت نصبت " زيدا " فقلت: " ليتما زيدا قائم " وظاهر كلام المصنف - رحمه الله تعالى! - أن " ما " إن اتصلت بهذه الأحرف كفتها عن العمل، وقد تعمل قليلا، وهذا مذهب جماعة من النحويين (1) [كالزجاجي، وابن السراج]، وحكى الأخفش والكسائي " إنما .

(١) ذهب سيبويه إلى أن " ما " غير الموصولة إذا اقترنت بهذه الأدوات أبطلت عملها، إلا ليت، فإن إعمالها مع ما جائز، وعللوا ذلك بأن هذه الأدوات قد أعملت لاختصاصها بالأسماء ودخول " ما " عليها يزيل هذا الاختصاص، ويهيئها للدخول على جمل الأفعال نحو قوله تعالى: (قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد) وقوله سبحانه:
(كأنما يساقون إلى الموت) ونحو قول امرئ القيس:
ولكنما أسعى لمجد مؤثل * وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي وتسمى " ما " هذه ما الكافة، أو ما المهيئة، ووجه هاتين التسميتين ظاهر بعد الذي ذكرناه لك من شأنها، وتسمى أيضا ما الزائدة، ولكون " ما " هذه لا تزيل اختصاص " ليت " بالجمل الاسمية، بل هي باقية معها على اختصاصها بالأسماء، لم تبطل عملها، وقد جاء السماع معضدا لذلك، كما في قول النابغة الذبياني:
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا * إلى حمامتنا أو نصفه فقد فإنه يروى بنصب " الحمام " ورفعه، فأما النصب فعلى إعمال ليت في اسم الإشارة والحمام بدل منه أو عطف بيان عليه أو نعت له، وأما الرفع فعلى إهمال ليت، وذهب الزجاج في كتابه " الجمل " إلى أن جميع هذه الأدوات بمنزلة واحدة، وأنها إذا اقترنت بها " ما " لم يجب إهمالها، بل يجوز فيها الأعمال والاهمال، غير أن الاهمال أكثر في الجميع، أما الأعمال فعلى اختصاصها الأصلي، وأما الاهمال فلما حدث لها من زوال الاختصاص وذكر الزجاج أن ذلك مسموع في الجميع، قال: " من العرب من يقول:
إنما زيدا قائم، ولعلما بكرا جالس، وكذلك أخواتها: ينصب بها، ويلغى ما " اه‍، وتبعه على ذلك تلميذه الزجاجي، وابن السراج، وهو الذي يفيده كلام الناظم.
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»
الفهرست