شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٢٦
فصه وحيهل: اسمان وإن دلا على الامر، لعدم قبولهما نون التوكيد، فلا تقول: صهن ولا حيهلن، وإن كانت صه بمعنى اسكت، وحيهل بمعنى أقبل، فالفارق (1) بينهما قبول نون التوكيد وعدمه، نحو " اسكتن، وأقبلن "، ولا يجوز ذلك في " صه، وحيهل ".
* * * .
(1) ثلاثة فوائد - الأولى: أسماء الأفعال على ثلاثة أنواع، النوع الأول: ما هو واجب التنكير، وذلك نحو ويها وواها، والنوع الثاني: ما هو واجب التعريف، وذلك نحو نزال وتراك وبابهما، والثالث: ما هو جائز التنكير والتعريف، وذلك نحو صه ومه، فما نون وجوبا أو جوازا فهو نكرة، وما لم ينون فهو معرفة.
والفائدة الثانية: توافق أسماء الأفعال الأفعال في ثلاثة أمور، أولها: الدلالة على المعنى، وثانيها: أن كل واحد من أسماء الأفعال يوافق الفعل الذي يكون بمعناه في التعدي واللزوم غالبا، وثالثها: أنه يوافق الفعل الذي بمعناه في إظهار الفاعل وإضماره، ومن غير الغالب في التعدي نحو " آمين " فإنه لم يحفظ في كلام العرب تعديه لمفعول، مع أنه بمعنى استجب وهو فعل متعد، وكذا " إيه " فإنه لازم مع أن الفعل الذي بمعناه وهو زدني متعد، وتخالفها في سبعة أمور، الأول: أنه لا يبرز معها ضمير، بل تقول " صه " بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع المذكر والمؤنث، بخلاف " اسكت " فإنك تقول:
اسكتي، واسكتا، واسكتوا، واسكتن، والثاني أنها لا يتقدم معمولها عليها، فلا تقول:
" زيدا عليك " كما تقول: " محمدا الزم " والثالث أنه يجوز توكيد الفعل توكيدا لفظيا باسم الفعل، تقول: انزل نزال، وتقول: اسكت صه، كما تقول: انزل انزل، واسكت اسكت، ولا يجوز توكيد اسم الفعل بالفعل، والرابع: أن الفعل إذا دل على الطلب جاز نصب المضارع في جوابه، فتقول: انزل فأحدثك، ولا يجوز نصب المضارع في جواب اسم الفعل ولو كان دالا على الطلب كصه ونزال، والخامس: أن أسماء الأفعال لا تعمل مضمرة، بحيث تحذف ويبقى معمولها، ولا متأخرة عن معمولها، بل متى وجدت معمولا تقدم على اسم فعل تعين عليك تقدير فعل عامل فيه، فنحو قول الشاعر:
يا أيها المائح دلوي دونكا * إني رأيت الناس يحمدونكا يقدر: خذ دلوي، ولا يجعل قوله: " دلوي " معمولا لدونكا الموجود، ولا لآخر مثله مقدر، على الأصح. والسادس: أن أسماء الأفعال غير متصرفة، فلا تختلف أبنيتها لاختلاف الزمان، بخلاف الأفعال. والسابع: أنها لا تقبل علامات الأفعال كالنواصب والجوازم ونون التوكيد وياء المخاطبة وتاء الفاعل، وهو ما ذكره الشارح في هذا الموضع، فاحفظ هذا كله، وكن منه على ثبت، والله يتولاك.
الفائدة الثالثة، اختلف النحاة في أسماء الأفعال، فقال جمهور البصريين: هي أسماء قامت مقام الأفعال في العمل، ولا تتصرف تصرف الأفعال بحيث تختلف أبنيتها لاختلاف الزمان، ولا تصرف الأسماء بحيث يسند إليها إسنادا معنويا فتقع مبتدأ وفاعلا، وبهذا فارقت الصفات كأسماء الفاعلين والمفعولين، وقال جمهور الكوفيين: إنها أفعال، لأنها تدل على الحدث والزمان، كل ما في الباب أنها جامدة لا تتصرف، فهي كليس وعسى ونحوهما، وقال أبو جعفر بن صابر: هي نوع خاص من أنواع الكلمة، فليست أفعالا وليست أسماء، لأنها لا تتصرف تصرف الأفعال ولا تصرف الأسماء، ولأنها لا تقبل علامة الأسماء ولا علامة الأفعال، وأعطاها أبو جعفر اسما خاصا بها حيث سماها " خالفة ".