شرح ابن عقيل - ابن عقيل الهمداني - ج ١ - الصفحة ٢٠
والتنوين الغالي - وأثبته الأخفش - وهو الذي يلحق القوافي المقيدة، كقوله:
* وقاتم الأعماق خاوي المخترقن *
3 - هذا البيت لرؤبة بن العجاج، أحد الرجاز المشهورين، وأمضغهم للشيح والقيصوم، والذي أخذ عنه العلماء أكثر غريب اللغة، وكان في عصر بني أمية، وبعده:
* مشتبه الاعلام لماع الخفقن * اللغة: " القاتم " كالأقتم: الذي تعلوه القتمة، وهي لون فيه غبرة وحمرة، و " أعماق " جمع عمق - بفتح العين، وتضم - وهو: ما بعد من أطراف الصحراء.
و " الخاوي " الخالي، و " المخترق " مهب الرياح، وهو اسم مكان من قولهم: خرق المفازة واخترقها، إذا قطعها ومر فيها، و " الاعلام " علامات كانوا يضعونها في الطريق للاهتداء بها، واحدها علم بفتح العين واللام جميعا، و " الخفق " اضطراب السراب، وهو الذي تراه نصف النهار كأنه ماء، وأصله بسكون الفاء، فحركها بالفتح ضرورة.
المعنى: كثير من الأمكنة التي لا يهتدى أحد إلى السير فيها لشدة التباسها وخفائها قد أعملت فيها ناقتي وسرت فيها، يريد أنه شجاع شديد الاحتمال، أو أنه عظيم الخبرة بمسالك الصحراء.
الاعراب: " وقاتم " الواو واو رب، قاتم: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وقاتم مضاف و " الأعماق " مضاف إليه " خاوي " صفة لقاتم، وخاوي مضاف و " المخترق " مضاف إليه، مجرور بالكسرة الظاهرة، وسكنه لأجل الوقف، وخبر المبتدأ جملة من فعل ماض وفاعل في محل رفع، وذلك في قوله بعد أبيات:
* تنشطته كل مغلاة الوهق * الشاهد فيه: قوله " المخترقن " و " الخفقن " حيث أدخل عليهما التنوين مع اقتران كل واحد منهما بأل، ولو كان هذا التنوين مما يختص بالاسم لم يلحق الاسم المقترن بأل، وإذا كان آخر الكلمة التي في آخر البيت حرفا صحيحا ساكنا كما هنا تسمى القافية حينئذ " قافية مقيدة ".