يعني ليس الأمر حيثما ذهبت، وقوله أنشده أبو الفتح بن جني:
قد وردت من أمكنه، من ههنا ومن هنه إنما أراد: ومن هنا فأبدل الألف هاء، وإنما لم يقل وها هنه لأن قبله أمكنه، فمن المحال أن تكون إحدى القافيتين والأخرى غير مؤسسة. وههنا أيضا تقوله قيس وتميم، والعرب تقول إذا أرادت البعد:
هنا وههنا وهناك وههناك، وإذا أرادت القرب قالت: هنا وههنا. وتقول للحبيب: ههنا وهنا أي تقرب وادن، وفي ضده للبغيض: ههنا وهنا أي تنح بعيدا، قال الحطيئة يهجو أمه: فههنا اقعدي مني بعيدا، أراح الله منك العالمينا (* في ديوان الحطيئة: تنحي، فاجلسي منى بعيدا، إلخ.) وقال ذو الرمة يصف فلاة بعيدة الأطراف بعيدة الأرجاء كثيرة الخير:
هنا وهنا ومن هنا لهن بها، ذات الشمائل والأيمان، هينوم الفراء: من أمثالهم:
هنا وهنا عن جمال وعوعه (* قوله هنا وهنا إلخ ضبط في التهذيب بالفتح والتشديد في الكلمات الثلاث، وقال في شرح الأشموني: يروى الأول بالفتح والثاني بالكسر والثالث بالضم، وقال الصبان عن الروداني: يروى الفتح في الثلاث.) كما تقول: كل شئ ولا وجع الرأس، وكل شئ ولا سيف فراشة، ومعنى هذا الكلام إذا سلمت وسلم فلان فلم أكترث لغيره، وقال شمر: أنشدنا ابن الأعرابي للعجاج:
وكانت الحياة حين حيت، وذكرها هنت فلات هنت أراد هنا وهنه فصيره هاء للوقف. فلات هنت أي ليس ذا موضع ذلك ولا حينه، فقال هنت بالتاء لما أجرى القافية لأن الهاء تصير تاء في الوصل، ومنه قول الأعشى:
لات هنا ذكرى جبيرة أمن جاء منها بطائف الأهوال (* قوله جبيرة ضبط في الأصل بما ترى وضبط في نسخة التهذيب بفتح فكسر، وبكل سمت العرب) قال الأزهري: وقد مضى من تفسير لات هنا في المعتل ما ذكر هناك لأن الأقرب عندي أنه من المعتلات، وتقدم فيه:
حنت ولات هنت، وأنى لك مقروع رواه ابن السكيت:
وكانت الحياة حين حبت يقول: وكانت الحياة حين تحب. وذكرها هنت، يقول: وذكر الحياة هناك ولا هناك أي لليأس من الحياة، قال ومدح رجلا بالعطاء: هنا وهنا وعلى المسجوح أي يعطي عن يمين وشمال، وعلى المسجوح أي على القصد، أنشد ابن السكيت:
حنت نوار ولات هنا حنت، وبدا الذي كانت نوار أجنت أي ليس هذا موضع حنين ولا في موضع الحنين حنت، وأنشد لبعض الرجاز: