لسان العرب - ابن منظور - ج ١٢ - الصفحة ٤١٧
واحد ليس كمثله شئ إلى ما علمه الله من تأويل الأحاديث الذي كان يقضي به على الغيب، فكان عليما بما علمه الله. وروى الأزهري عن سعد بن زيد عن أبي عبد الرحمن المقري في قوله تعالى: وإنه لذو علم لما علمناه، قال: لذو عمل بما علمناه، فقلت: يا أبا عبد الرحمن ممن سمعت هذا؟ قال: من ابن عيينة، قلت: حسبي. وروي عن ابن مسعود أنه قال: ليس العلم بكثرة الحديث ولكن العلم بالخشية، قال الأزهري: ويؤيد ما قاله قول الله عز وجل: إنما يخشى الله من عباده العلماء. وقال بعضهم: العالم الذي يعمل بما يعلم، قال: وهذا يؤيد قول ابن عيينة.
والعلم: نقيض الجهل، علم علما وعلم هو نفسه، ورجل عالم وعليم من قوم علماء فيهما جميعا. قال سيبويه: يقول علماء من لا يقول إلا عالما. قال ابن جني: لما كان العلم قد يكون الوصف به بعد المزاولة له وطول الملابسة صار كأنه غريزة، ولم يكن على أول دخوله فيه، ولو كان كذلك لكان متعلما لا عالما، فلما خرج بالغريزة إلى باب فعل صار عالم في المعنى كعليم، فكسر تكسيره، ثم حملوا عليه ضده فقالوا جهلاء كعلماء، وصار علماء كحلماء لأن العلم محلمة لصاحبه، وعلى ذلك جاء عنهم فاحش وفحشاء لما كان الفحش من ضروب الجهل ونقيضا للحلم، قال ابن بري: وجمع عالم علماء، ويقال علام أيضا، قال يزيد بن الحكم:
ومسترق القصائد والمضاهي، سواء عند علام الرجال وعلام وعلامة إذا بالغت في وصفه بالعلم أي عالم جدا، والهاء للمبالغة، كأنهم يريدون داهية من قوم علامين، وعلام من قوم علامين، هذه عن اللحياني. وعلمت الشئ أعلمه علما: عرفته. قال ابن بري: وتقول علم وفقه أي تعلم وتفقه، وعلم وفقه أي ساد العلماء والفقهاء. والعلام والعلامة: النسابة وهو من العلم. قال ابن جني: رجل علامة وامرأة علامة، لم تلحق الهاء لتأنيث الموصوف بما هي فيه، وإنما لحقت لإعلام السامع أن هذا الموصوف بما هي فيه قد بلغ الغاية والنهاية، فجعل تأنيث الصفة أمارة لما أريد من تأنيث الغاية والمبالغة، وسواء كان الموصوف بتلك الصفة مذكرا أو مؤنثا، يدل على ذلك أن الهاء لو كانت في نحو امرأة علامة وفروقة ونحوه إنما لحقت لأن المرأة مؤنثة لوجب أن تحذف في المذكر فيقال رجل فروق، كما أن الهاء في قائمة وظريفة لما لحقت لتأنيث الموصوف حذفت مع تذكيره في نحو رجل قائم وظريف وكريم، وهذا واضح. وقوله تعالى: إلى يوم الوقت المعلوم الذي لا يعلمه إلا الله، وهو يوم القيامة. وعلمه العلم وأعلمه إياه فتعلمه، وفرق سيبويه بينهما فقال: علمت كأذنت، وأعلمت كآذنت، وعلمته الشئ فتعلم، وليس التشديد هنا للتكثير. وفي حديث ابن مسعود: إنك غليم معلم أي ملهم للصواب والخير كقوله تعالى: معلم مجنون أي له من يعلمه.
ويقال: تعلم في موضع اعلم. وفي حديث الدجال: تعلموا أن ربكم ليس بأعور بمعنى اعلموا، وكذلك الحديث الآخر: تعلموا أنه ليس يرى أحد منكم ربه حتى يموت، كل هذا بمعنى اعلموا، وقال عمرو بن معد يكرب:
تعلم أن خير الناس طرا قتيل بين أحجار الكلاب
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»
الفهرست