لهذه الأفيكة وهي الكذبة العظيمة. والأفك، بالفتح: مصدر قولك أفكه عن الشئ يأفكه أفكا صرفه عنه وقلبه، وقيل: صرفه بالإفك، قال عمرو بن أذينة (* قوله عمرو بن أذينة الذي في الصحاح وشرح القاموس:
عروة).
إن تك عن أحسن المروءة مأ فوكا، ففي آخرين قد أفكوا (* قوله أحسن المروءة رواية الصحاح: أحسن الصنيعة).
يقول: إن لم توفق للإحسان فأنت في قوم قد صرفوا من ذلك أيضا.
وفي حديث عرض نفسه على قبائل العرب: لقد أفك قوم كذبوك ظاهروا عليك أي صرفوا عن الحق ومنعوا منه. وفي التنزيل: يؤفك عنه من أفك، قال الفراء: يريد يصرف عن الإيمان من صرف كما قال: أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا، يقول: لتصرفنا وتصدنا. والأفاك: الذي يأفك الناس أي يصدهم عن الحق بباطله. والمأفوك: الذي لا زور له. شمر: أفك الرجل عن الخير قلب عنه وصرف.
والمؤتفكات: مدائن لوط، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، سميت بذلك لانقلابها بالخسف. قال تعالى: والمؤتفكة أهوى، وقوله تعالى:
والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات، قال الزجاج: المؤتفكات جمع مؤتفكة، ائتفكت بهم الأرض أي انقلبت. يقال: إنهم جمع من أهلك كما يقال للهالك قد انقلبت عليه الدنيا. وروى النضر بن أنس عن أبيه أنه قال:
أي بني لا تنزلن البصرة فإنها إحدى المؤتفكات قد ائتفكت بأهلها مرتين هي مؤتفكة بهم الثالثة قال شمر: يعني بالمؤتفكة أنها غرقت مرتين فشبه غرقها بانقلابها. والائتفاك عند أهل العربية:
الانقلاب كقريات قوم لوط التي ائتفكت بأهلها أي انقلبت، وقيل:
المؤتفكات المدن التي قلبها الله تعالى على قوم لوط، عليه السلام. وفي حديث سعيد بن جبير وذكر قصة هلاك قوم لوط قال: فمن أصابته تلك الافكة أهلكته، يريد العذاب الذي أرسله الله عليهم فقلب بها ديارهم. يقال: ائتفكت البلدة بأهلها أي انقلبت، فهي مؤتفكة. وفي حديث بشير بن الخصاصية:
قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: ممن أنت؟ قال: من ربيعة، قال: أنتم تزعمون لولا ربيعة لائتفكت الأرض بمن عليها أي انقلبت.
والمؤتفكات: الرياح تختلف مهابها. والمؤتفكات: الرياح التي تقلب الأرض، تقول العرب: إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض أي زكازرع ها، وقول رؤبة:
وجون خرق بالرياح مؤتفك أي اختلفت عليه الرياح من كل وجه. وأرض مأفوكة: وهي التي لم يصبها المطر فأمحلت. ابن الأعرابي: ائتفكت تلك الأرض أي احترقت من الجدب، وأنشد ابن الأعرابي:
كأنها، وهي تهاوى تهتلك، شمس بظل، ذا بهذا يأتفك قال يصف قطاة باطن جناحيها أسود وظاهره أبيض فشبه السواد بالظلمة وشبه البياض الشمس، يأتفك: ينقلب.
والمأفوك: المأفون وهو الضعيف العقل والرأي. وقوله تعالى: يؤفك عنه من أفك، قال مجاهد: يؤفن عنه من أفن. وأفن الرجل: ضعف رأيه، وأفنه الله. وأفك الرجل: ضعف عقله ورأيه، قال: ولم يستعمل أفكه الله بمعنى أضعف عقله وإنما أتى أفكه بمعنى صرفه، فيكون المعنى في الآية يصرف عن