لسان العرب - ابن منظور - ج ٩ - الصفحة ٢٤٨
أن يكون مجرورا بغير الكاف وإن كانت زائدة، يدلك على ذلك أن الكاف في كل موضع تقع فيه زائدة لا تكون إلا جارة كما أن من وجميع حروف الجر في أي موضع وقعن زوائد فلا بد من أن يجررن ما بعدهن، كقولك ما جاءني من أحد ولست بقائم، فكذلك الكاف في كعصف مأكول هي الجارة للعصف وإن كانت زائدة على ما تقدم، فإن قال قائل: فمن أين جاز للاسم أن يدخل على الحرف في قوله مثل كعصف مأكول؟ فالجواب أنه إنما جاز ذلك لما بين الكاف ومثل من المضارعة في المعنى، فكما جاز لهم أن يدخلوا الكاف على الكاف في قوله:
وصاليات ككما يؤثفين لمشابهته لمثل حتى كأنه قال كمثل ما يؤثفين كذلك أدخلوا أيضا مثلا على الكاف في قوله مثل كعصف، وجعلوا ذلك تنبيها على قوة الشبه بين الكاف ومثل. ومكان معصف: كثير الزرع، وقيل: كثير التبن، عن اللحياني، وأنشد:
إذا جمادى منعت قطرها، زان جنابي عطن معصف (* قوله جنابي بالجيم مفتوحة وبالباء هو الفناء وعطن بالنون، وتقدم البيت في مادة جمد بلفظ زان جناني جمع الجنة، ولعل الصواب ما هنا.) هكذا رواه، وروايتنا مغضف، بالضاد المعجمة، ونسب الجوهري هذا البيت لأبي قيس بن الأسلت الأنصاري، قال ابن بري: هو لأحيحة بن الجلاح لا لأبي قيس.
وعصفت الريح تعصف عصفا وعصوفا، وهي ريح عاصف وعاصفة ومعصفة وعصوف، وأعصفت، في لغة أسد، وهي معصف من رياح معاصف ومعاصيف إذا اشتدت، والعصوف للرياح. وفي التنزيل: والعاصفات عصفا، يعني الرياح، والريح تعصف ما مرت عليه من جولان التراب تمضي به، وقد قيل: إن العصف الذي هو التبن مشتق منه لأن الريح تعصف به، قال ابن سيده: وهذا ليس بقوي. وفي الحديث: كان إذا عصفت الريح أي إذا اشتد هبوبها. وريح عاصف: شديدة الهبوب. والعصافة: ما عصفت به الريح على لفظ عصافة السنبل. وقال الفراء في قوله تعالى:
أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، قال: فجعل العصوف تابعا لليوم في إعرابه، وإنما العصوف للرياح، قال: وذلك جائز على جهتين: إحداهما أن العصوف وإن كان للريح فإن اليوم قد يوصف به لأن الريح تكون فيه، فجاز أن يقال يوم عاصف كما يقال يوم بارد ويوم حار والبرد والحر فيهما، والوجه الآخر أن يريد في يوم عاصف الريح فتحذف الريح لأنها قد ذكرت في أول كلمة كما قال:
إذا جاء يوم مظلم الشمس كاسف يريد كاسف الشمس فحذفه لأنه قدم ذكره. وقال الجوهري: يوم عاصف أي تعصف فيه الريح، وهو فاعل بمعنى مفعول فيه، مثل قولهم ليل نائم وهم ناصب، وجمع العاصف عواصف. والمعصفات: الرياح التي تثير السحاب والورق وعصف الزرع. والعصف والتعصف: السرعة، على التشبيه بذلك. وأعصفت الناقة في السير: أسرعت، فهي معصفة، وأنشد:
ومن كل مسحاج، إذا ابتل ليتها، تخلب منها ثائب متعصف
(٢٤٨)
مفاتيح البحث: البلل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست