لسان العرب - ابن منظور - ج ٥ - الصفحة ١٢
مغرور، ولولا ذلك لم يكن في الكلام فائدة لأنه قد علم أن كل من غر فهو مغرور، فأي فائدة في قوله لمغرور، إنما هو على ما فسر. واغتر هو: قبل الغرور. وأنا غرر منك، أي مغرور وأنا غريرك من هذا أي أنا الذي غرك منه أي لم يكن الأمر على ما تحب. وفي الحديث: المؤمن غر كريم أي ليس بذي نكر، فهو ينخدع لانقياده ولينه، وهو ضد الخب.
يقال: فتى غر، وفتاة غر، وقد غررت تغر غرارة، يريد أن المؤمن المحمود من طبعه الغرارة وقلة الفطنة للشر وترك البحث عنه، وليس ذلك منه جهلا، ولكنه كرم وحسن خلق، ومنه حديث الجنة:
يدخلني غرة الناس أي البله الذين لم يجربوا الأمور فهم قليلو الشر منقادون، فإن من آثر الخمول وإصلاح نفسه والتزود لمعاده ونبذ أمور الدنيا فليس غرا فيما قصد له ولا مذموما بنوع من الذم، وقول طرفة:
أبا منذر، كانت غرورا صحيفتي، ولم أعطكم، في الطوع، مالي ولا عرضي إنما أراد: ذات غرور لا تكون إلا على ذلك. قاله ابن سيده قال: لأن الغرور عرض والصحيفة جوهر والجوهر لا يكون عرضا.
والغرور: ما غرك من إنسان وشيطان وغيرهما، وخص يعقوب به الشيطان.
وقوله تعالى: ولا يغرنكم بالله الغرور، قيل: الغرور الشيطان، قال الزجاج: ويجوز الغرور، بضم الغين، وقال في تفسيره: الغرور الأباطيل، ويجوز أن يكون الغرور جمع غار مثل شاهد وشهود وقاعد وقعود، والغرور، بالضم: ما اغتر به من متاع الدنيا. وفي التنزيل العزيز: لا تغرنكم الحياة الدنيا، يقول: لا تغرنكم الدنيا فإن كان لكم حظ فيها ينقص من دينكم فلا تؤثروا ذلك الحظ ولا يغرنكم بالله الغرور.
والغرور: الشيطان يغر الناس بالوعد الكاذب والتمنية. وقال الأصمعي: الغرور الذي يغرك. والغرور، بالضم: الأباطيل، كأنها جمع غر مصدر غررته غرا، قال: وهو أحسن من أن يجعل غررت غرورا لأن المتعدي من الأفعال لا تكاد تقع مصادرها على فعول إلا شاذا، وقد قال الفراء: غررته غرورا، قال: وقوله: ولا يغرنكم بالله الغرور، يريد به زينة الأشياء في الدنيا. والغرور: الدنيا، صفة غالبة. أبو إسحق في قوله تعالى: يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم، أي ما خدعك وسول لك حتى أضعت ما وجب عليك، وقال غيره: ما غرك أي ما خدعك بربك وحملك على معصيته والأمن من عقابه فزين لك المعاصي والأماني الكاذبة فارتكبت الكبائر، ولم تخفه وأمنت عذابه، وهذا توبيخ وتبكيت للعبد الذي يأمن مكر ولا يخافه، وقال الأصمعي: ما غرك بفلان أي كيف اجترأت عليه. ومن غرك من فلان ومن غرك بفلان أي من أوطأك منه عشوة في أمر فلان، وأنشد أبو الهيثم:
أغر هشاما، من أخيه ابن أمه، قوادم ضأن يسرت وربيع قال: يريد أجسره على فراق أخيه لأمه كثرة غنمه وألبانها، قال: والقوادم والأواخر في الأخلاف لا تكون في ضروع الضأن لأن للضأن والمعز خلفين متحاذيين وما له أربعة أخلاف غيرهما، والقادمان: الخلفان اللذان يليان البطن والآخران اللذان يليان الذنب فصيره مثلا للضأن، ثم قال: أغر هشاما لضأن (* قوله لضأن هكذا بالأصل ولعله قوادم لضأن). له يسرت وظن أنه قد استغنى عن أخيه
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست