لسان العرب - ابن منظور - ج ٤ - الصفحة ٦١٣
تعار، وأورد هذا البيت:
وسائلة بظهر الغيب عني:
أعارت عينه أم لم تعارا؟
قال: أراد تعارن، فوقف بالألف، قال ابن بري: أورد هذا البيت على عارت أي عورت، قال: والبيت لعمرو بن أحمر الباهلي، قال: والألف في آخر تعارا بدل من النون الخفيفة، أبدل منها ألفا لما وقف عليها، ولهذا سلمت الألف التي بعد العين إذ لو لم يكن بعدها نون التوكيد لانحذفت، وكنت تقول لم تعر كما تقول لم تخف، وإذا ألحقت النون ثبتت الألف فقلت: لم تخافن لأن الفعل مع نون التوكيد مبني فلا يلحقه جزم. وقولهم:
بدل أعور، مثل يضرب للمذموم يخلف بعد الرجل المحمود. وفي حديث أم زرع: فاستبدلت بعده وكل بدل أعور، هو من ذلك، قال عبد الله بن همام السلولي لقتيبة بن مسلم وولي خراسان بعد يزيد بن المهلب:
أقتيب، قد قلنا غداة أتيتنا:
بدل لعمرك من يزيد أعور وربما قالوا: خلف أعور، قال أبو ذؤيب:
فأصبحت أمشي في ديار، كأنها خلاف ديار الكاملية عور كأنه جمع خلفا على خلاف مثل جبل وجبال. قال: والاسم العورة.
وعوران قيس: خمسة شعراء عور، وهم الأعور الشني (* قوله:
الأعور الشني ذكر في القاموس بدله الراعي). والشماخ وتميم ابن أبي بن مقبل وابن أحمر وحميد بن ثور الهلالي. وبنو الأعور: قبيلة، سموا بذلك لعور أبيهم، فأما قوله: في بلاد الأعورينا، فعلى الإضافة كالأعجمين وليس بجمع أعور لأن مثل هذا لا يسلم عند سيبويه. وعاره وأعوره وعوره: صيره كذلك، فأما قول جبلة:
وبعت لها العين الصحيحة بالعور فإنه أراد العوراء فوضع المصدر موضع الصفة، ولو أراد العور الذي هو العرض لقابل الصحيحة وهي جوهر بالعور وهو عرض، وهذا قبيح في الصنعة وقد يجوز أن يريد العين الصحيحة بذات العور فحذف، وكل هذا ليقابل الجوهر بالجوهر لأن مقابلة الشئ بنظيره أذهب في الصنع والأشرف في الوضع، فأما قول أبي ذؤيب:
فالعين بعدهم كأن حداقها سملت بشوك، فهي عور تدمع فعلى أنه جعل كل جزء من الحدقة أعور أو كل قطعة منها عوراء، وهذه ضرورة، وإنما آثر أبو ذؤيب هذا لأنه لو قال: فهي عورا تدمع، لقصر الممدود فرأى ما عمله أسهل عليه وأخف. وقد يكون العور في غير الإنسان، قال سيبويه: حدثنا بعض العرب أن رجلا من بني أسد قال يوم جبلة: واستقبله بعير أعور فتطير، فقال: يا بني أعور وذا ناب، فاستعمل الأعور للبعير، ووجه نصبه أنه لم يرد أن يسترشدهم ليخبروه عن عوره وصحته، ولكنه نبههم كأنه قال: أتستقبلون أعور وذا ناب؟ فالاستقبال في حال تنبيهه إياهم كان واقعا كما كان التلون والتنقل عندك ثابتين في الحال الأول، وأراد أن يثبت الأعور ليحذروه، فأما قول سيبويه في تمثيل النصب أتعورون فليس من كلام العرب، إنما أراد أن يرينا البدل من اللفظ به بالفعل فصاغ فعلا ليس من كلام العرب، ونظير ذلك قوله في الأعيار
(٦١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 608 609 610 611 612 613 614 615 616 617 618 ... » »»
الفهرست