لسان العرب - ابن منظور - ج ٤ - الصفحة ٦١٤
من قول الشاعر:
أفي السلم أعيارا جفاء وغلظة، وفي الحرب أشباه النساء العوارك؟
أتعيرون، وكل ذلك إنما هو ليصوغ الفعل مما لا يجري على الفعل أو مما يقل جريه عليه. والأعور: الغراب، على التشاؤم به، لأن الأعور عندهم مشؤوم، وقيل: لخلاف حاله لأنهم يقولون أبصر من غراب، قالوا: وإنما سمي الغراب أعور لحدة بصره، كما يقال للأعمى أبو بصير وللحبشي أبو البيضاء، ويقال للأعمى بصير وللأعور الأحول.
قال الأزهري: رأيت في البادية امرأة عوراء يقال لها حولاء، قال:
والعرب تقول للأحول العين أعور، وللمرأة الحولاء هي عوراء، ويسمى الغراب عويرا على ترخيم التصغير، قال: سمي الغراب أعور ويصاح به فيقال عوير عوير، وأنشد:
وصحاح العيون يدعون عورا وقوله أنشده ثعلب:
ومنهل أعور إحدى العينين، بصير أخرى وأصم الأذنين فسره فقال: معنى أعور إحدى العينين أي فيه بئران فذهبت واحدة فذلك معنى قوله أعور إحدى العينين، وبقيت واحدة فذلك معنى قوله بصير أخرى، وقوله أصم الأذنين أي ليس يسمع فيه صدى.
قال شمر: عورت عيون المياه إذا دفنتها وسددتها، وعورت الركية إذا كبستها بالتراب حتى تنسد عيونها. وفلاة عوراء: لا ماء بها. وعور عين الراكية: أفسدها حتى نضب الماء. وفي حديث عمر وذكر امرأ القيس فقال: افتقر عن معان عور، العور جمع أعور وعوراء وأراد به المعاني الغامضة الدقيقة، وهو من عورت الركية وأعرتها وعرتها إذا طممتها وسددت أعينها التي ينبع منها الماء.
وفي حديث علي: أمره أن يعور آبار بدر أي يدفنها ويطمها، وقد عارت الركية تعور. وقال ابن الأعرابي: العوار البئر التي لا يستقى منها. قال: وعورت الرجل إذا استسقاك فلم تسقه.
قال الجوهري: ويقال للمستجيز الذي يطلب الماء إذا لم تسقه: قد عورت شربه، قال الفرزدق:
متى ما ترد يوما سفار، تجد به أديهم، يرمي المستجيز المعورا سفار: اسم ماء. والمستجيز: الذي يطلب الماء. ويقال: عورته عن الماء تعويرا أي حلأته. وقال أبو عبيدة: التعوير الرد.
عورته عن حاجته: رددته عنها. وطريق أعور: لا علم فيه كأن ذلك العلم عينه، وهو مثل.
والعائر: كل ما أعل العين فعقر، سمي بذلك لأن العين تغمض له ولا يتمكن صاحبها من النظر لأن العين كأنها تعور. وما رأيت عائر عين أي أحدا يطرف العين فيعورها. وعائر العين: ما يملؤها من المال حتى يكاد يعورها. وعليه من المال عائرة عينين وعيرة عينين، كلاهما عن اللحياني، أي ما يكاد من كثرته يفقأ عينيه، وقال مرة: يريد الكثرة كأنه يملأ بصره. قال أبو عبيد: يقال للرجل إذا كثر ماله: ترد على فلان عائرة عين وعائرة عينين أي ترد عليه إبل كثيرة كأنها من كثرتها تملأ العينين حتى تكاد تعورهما أي تفقؤهما.
وقال أبو العباس: معناه أنه من كثرتها تعير فيها العين، قال الأصمعي:
أصل ذلك أن الرجل من العرب في الجاهلية كان إذا بلغ
(٦١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 609 610 611 612 613 614 615 616 617 618 619 ... » »»
الفهرست