وقال: وكتبنا عليهم فيها أي فرضنا. ومن هذا قول النبي، صلى الله عليه وسلم، لرجلين احتكما إليه: لأقضين بينكما بكتاب الله أي بحكم الله الذي أنزل في كتابه، أو كتبه على عباده، ولم يرد القرآن، لأن النفي والرجم لا ذكر لهما فيه، وقيل: معناه أي بفرض الله تنزيلا أو أمرا، بينه على لسان رسوله، صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: كتاب الله عليكم، مصدر أريد به الفعل أي كتب الله عليكم، قال: وهو قول حذاق النحويين (1) (1 قوله وهو قول حذاق النحويين هذه عبارة الأزهري في تهذيبه ونقلها الصاغاني في تكملته، ثم قال: وقال الكوفيون هو منصوب على الاغراء بعليكم وهو بعيد، لأن ما انتصب بالاغراء لا يتقدم على ما قام مقام الفعل وهو عليكم وقد تقدم في هذا الموضع. ولو كان النص عليكم كتاب الله لكان نصبه على الاغراء أحسن من المصدر.). وفي حديث أنس بن النضر، قال له: كتاب الله القصاص أي فرض الله على لسان نبيه، صلى الله عليه وسلم، وقيل: هو إشارة إلى قول الله، عز وجل:
والسن بالسن، وقوله تعالى: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به. وفي حديث بريرة: من اشترط شرطا ليس في كتاب الله أي ليس في حكمه، ولا على موجب قضاء كتابه، لأن كتاب الله أمر بطاعة الرسول، وأعلم أن سنته بيان له، وقد جعل الرسول الولاء لمن أعتق، لا أن الولاء مذكور في القرآن نصا.
والكتبة: اكتتابك كتابا تنسخه.
واستكتبه: أمره أن يكتب له، أو اتخذه كاتبا. والمكاتب: العبد يكاتب على نفسه بثمنه، فإذا سعى وأداه عتق.
وفي حديث بريرة: أنها جاءت تستعين بعائشة، رضي الله عنها، في كتابتها.
قال ابن الأثير: الكتابة أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه إليه منجما، فإذا أداه صار حرا. قال: وسميت كتابة، بمصدر كتب، لأنه يكتب على نفسه لمولاه ثمنه، ويكتب مولاه له عليه العتق. وقد كاتبه مكاتبة، والعبد مكاتب. قال:
وإنما خص العبد بالمفعول، لأن أصل المكاتبة من المولى، وهو الذي يكاتب عبده. ابن سيده: كاتبت العبد:
أعطاني ثمنه على أن أعتقه. وفي التنزيل العزيز: والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا. معنى الكتاب والمكاتبة: أن يكاتب الرجل عبده أو أمته على مال ينجمه عليه، ويكتب عليه أنه إذا أدى نجومه، في كل نجم كذا وكذا، فهو حر، فإذا أدى جميع ما كاتبه عليه، فقد عتق، وولاؤه لمولاه الذي كاتبه. وذلك أن مولاه سوغه كسبه الذي هو في الأصل لمولاه، فالسيد مكاتب، والعبد مكاتب إذا عقد عليه ما فارقه عليه من أداء المال، سميت مكاتبة لما يكتب للعبد على السيد من العتق إذا أدى ما فورق عليه، ولما يكتب للسيد على العبد من النجوم التي يؤديها في محلها، وأن له تعجيزه إذا عجز عن أداء نجم يحل عليه. الليث: الكتبة الخرزة المضمومة بالسير، وجمعها كتب. ابن سيده: الكتبة، بالضم، الخرزة التي ضم السير كلا وجهيها. وقال اللحياني: الكتبة السير الذي تخرز به المزادة والقربة، والجمع كتب، بفتح التاء، قال ذو الرمة:
وفراء غرفية أثأى خوارزها * مشلشل، ضيعته بينها الكتب