كانوا يصلون على حصباء المسجد، ولا حائل بين وجوههم وبينها، فكانوا إذا سجدوا، سووها بأيديهم، فنهوا عن ذلك، لأنه فعل من غير أفعال الصلاة، والعبث فيها لا يجوز، وتبطل به إذا تكرر، ومنه الحديث: إن كان لا بد من مس الحصباء فواحدة، أي مرة واحدة، رخص له فيها، لأنها غير مكررة.
ومكان حصب: ذو حصباء على النسب، لأنا لم نسمع له فعلا، قال أبو ذؤيب:
فكرعن في حجرات عذب بارد، * حصب البطاح، تغيب فيه الأكرع والحصب: رميك بالحصباء.
حصبه يحصبه حصبا (1) (1 قوله حصبه يحصبه هو من باب ضرب وفي لغة من باب قتل ا ه مصباح.): رماه بالحصباء وتحاصبوا: تراموا بالحصباء، والحصباء: صغارها وكبارها.
وفي الحديث الذي جاء في مقتل عثمان، رضي الله عنه، قال: إنهم تحاصبوا في المسجد، حتى ما أبصر أديم السماء، أي تراموا بالحصباء. وفي حديث ابن عمر:
أنه رأى رجلين يتحدثان، والإمام يخطب، فحصبهما أي رجمهما بالحصباء ليسكتهما.
والإحصاب: أن يثير الحصى في عدوه. وقال اللحياني: يكون ذلك في الفرس وغيره مما يعدو، تقول منه: أحصب الفرس وغيره.
وحصب الموضع: ألقى فيه الحصى الصغار، وفرشه بالحصباء.
وفي الحديث: أن عمر، رضي الله عنه، أمر بتحصيب المسجد، وذلك أن يلقى فيه الحصى الصغار، ليكون أوثر للمصلي، وأغفر لما يلقى فيه من الأقشاب والخراشي والأقذار. والحصباء: هو الحصى الصغار، ومنه الحديث الآخر: أنه حصب المسجد وقال هو أغفر للنخامة، أي أستر للبزاقة، إذا سقطت فيه، والأقشاب: ما يسقط من خيوط خرق، وأشياء تستقذر.
والمحصب: موضع رمي الجمار بمنى، وقيل: هو الشعب الذي مخرجه إلى الأبطح، بين مكة ومنى، ينام فيه ساعة من الليل، ثم يخرج إلى مكة، سميا بذلك للحصى الذي فيهما. ويقال لموضع الجمار أيضا: حصاب، بكسر الحاء. قال الأزهري:
التحصيب النوم بالشعب، الذي مخرجه إلى الأبطح ساعة من الليل، ثم يخرج إلى مكة، وكان موضعا نزل به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من غير أن سنه للناس ، فمن شاء حصب، ومن شاء لم يحصب، ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها: ليس التحصيب بشئ، أرادت به النوم بالمحصب، عند الخروج من مكة، ساعة والنزول به. وروي عن عمر، رضي الله عنه، أنه قال: ينفر الناس كلهم إلا بني خزيمة، يعني قريشا لا ينفرون في النفر الأول. قال وقال: يا آل خزيمة حصبوا أي أقيموا بالمحصب. قال أبو عبيد: التحصيب إذا نفر الرجل من منى إلى مكة، للتوديع، أقام بالأبطح حتى يهجع بها ساعة من الليل، ثم يدخل مكة. قال: وهذا شئ كان يفعل، ثم ترك، وخزيمة هم قريش وكنانة، وليس فيهم أسد. وقال القعنبي: التحصيب: نزول المحصب بمكة. وأنشد:
فلله عينا من رأى من تفرق * أشت، وأنأى من فراق المحصب