الله وشئت، وما شاء الله ثم شئت، لأن الواو تفيد الجمع دون الترتيب، وثم تجمع وترتب، فمع الواو يكون قد جمع بين الله وبينه في المشيئة، ومع ثم يكون قد قدم مشيئة الله على مشيئته.
والشئ: معلوم. قال سيبويه حين أراد أن يجعل المذكر أصلا للمؤنث: ألا ترى أن الشئ مذكر، وهو يقع على كل ما أخبر عنه.
فأما ما حكاه سيبويه أيضا من قول العرب: ما أغفله عنك شيئا، فإنه فسره بقوله أي دع الشك عنك، وهذا غير مقنع. قال ابن جني: ولا يجوز أن يكون شيئا ههنا منصوبا على المصدر حتى كأنه قال: ما أغفله عنك غفولا، ونحو ذلك، لأن فعل التعجب قد استغنى بما بما حصل فيه من معنى المبالغة عن أن يؤكد بالمصدر. قال: وأما قولهم هو أحسن منك شيئا، فإن شيئا هنا منصوب على تقدير بشئ، فلما حذف حرف الجر أوصل إليه ما قبله، وذلك أن معنى هو أفعل منه في المبالغة كمعنى ما أفعله، فكما لم يجز ما أقومه قياما، كذلك لم يجز هو أقوم منه قياما. والجمع: أشياء، غير مصروف، وأشياوات وأشاوات وأشايا وأشاوى، من باب جبيت الخراج جباوة.
وقال اللحياني: وبعضهم يقول في جمعها: أشيايا وأشاوه، وحكى أن شيخا أنشده في مجلس الكسائي عن بعض الأعراب:
وذلك ما أوصيك، يا أم معمر، * وبعض الوصايا، في أشاوه، تنفع قال: وزعم الشيخ أن الأعرابي قال: أريد أشايا، وهذا من أشذ الجمع، لأنه لا هاء في أشياء فتكون في أشاوه. وأشياء: لفعاء عند الخليل وسيبويه، وعند أبي الحسن الأخفش أفعلاء. وفي التنزيل العزيز:
يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم.
قال أبو منصور: لم يختلف النحويون في أن أشياء جمع شئ، وأنها غير مجراة.
قال: واختلفوا في العلة فكرهت أن أحكي مقالة كل واحد منهم، واقتصرت على ما قاله أبو إسحق الزجاج في كتابه لأنه جمع أقاويلهم على اختلافها، واحتج لأصوبها عنده، وعزاه إلى الخليل، فقال قوله: لا تسألوا عن أشياء، أشياء في موضع الخفض، إلا أنها فتحت لأنها لا تنصرف.
قال وقال الكسائي: أشبه آخرها آخر حمراء، وكثر استعمالها، فلم تصرف. قال الزجاج: وقد أجمع البصريون وأكثر الكوفيين على أن قول الكسائي خطأ في هذا، وألزموه أن لا يصرف أبناء وأسماء. وقال الفراء والأخفش: أصل أشياء أفعلاء كما تقول هين وأهوناء، إلا أنه كان الأصل أشيئاء، على وزن أشيعاع، فاجتمعت همزتان بينهما ألف فحذفت الهمزة الأولى. قال أبو إسحق: وهذا القول أيضا غلط لأن شيئا فعل، وفعل لا يجمع أفعلاء، فأما هين فأصله هين، فجمع على أفعلاء كما يجمع فعيل على أفعلاء، مثل نصيب وأنصباء. قال وقال الخليل: أشياء اسم للجمع كان أصله فعلاء شيئاء، فاستثقل الهمزتان، فقلبوا الهمزة الأولى إلى أول الكلمة، فجعلت لفعاء، كما قلبوا أنوقا فقالوا أينقا. وكما قلبوا قووسا قسيا.
قال: وتصديق قول الخليل جمعهم أشياء أشاوى وأشايا، قال: وقول الخليل هو مذهب سيبويه والمازني وجميع البصريين، إلا الزيادي منهم، فإنه كان يميل إلى قول الأخفش. وذكر أن المازني ناظر الأخفش في هذا، فقطع المازني الأخفش، وذلك أنه سأله كيف تصغر أشياء، فقال له أقول: أشياء، فاعلم، ولو كانت أفعلاء لردت في التصغير إلى واحدها فقيل: شييئات. وأجمع البصريون أن تصغير أصدقاء، إن كانت للمؤنث: