(حما) (س ه) فيه (لا حمى إلا لله ورسوله) قيل: كان الشريف في الجاهلية إذا نزل أرضا في حيه استعوى كلبا مدى عواء الكلب لا يشركه فيه غيره، وهو يشارك القوم في سائر ما يرعون فيه، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأضاف الحمى إلى الله ورسوله: أي إلا ما يحمى للخيل التي ترصد للجهاد، والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله، وإبل الزكاة وغيرها، كما حمى عمر بن الخطاب النقيع لنعم الصدقة والخيل المعدة في سبيل الله.
(ه) وفي حديث أبيض بن حمال (لا حمى في الأراك) فقال أبيض: أراكة في حظاري:
أي في أرضي) وفي رواية أنه سأله عما يحمى من الأراك فقال (ما لم تنله أخفاف الإبل) معناه أن الإبل تأكل منتهى ما تصل إليه أفواهها لأنها إنما تصل إليه بمشيها على أخفافها، فيحمى ما فوق ذلك.
وقيل أراد أنه يحمى من الأراك ما بعد عن العمارة ولم تبلغه الإبل السارحة إذا أرسلت في المرعى، ويشبه أن تكون هذه الأراكة التي سأل عنها يوم إحياء الأرض وحظر عليها قائمة فيها، فملك الأرض بالإحياء، ولم يملك الأراكة، فأما الأراك إذا نبت في ملك رجل فإنه يحميه ويمنع غيره منه.
(س) وفي حديث عائشة، وذكرت عثمان (عتبنا عليه موضع الغمامة المحماة) تريد الحمى الذي حماه. يقال أحميت المكان فهو محمى إذا جعلته حمى. وهذا شئ حمى: أي محظور لا يقرب، وحميته حماية إذا دفعت عنه ومنعت منه من يقربه، وجعلته عائشة موضعا للغمامة لأنها تسقية بالمطر، والناس شركاء فيما سقته السماء من الكلأ إذا لم يكن مملوكا، فلذلك عتبوا عليه.
(س) وفي حديث حنين (الآن حمي الوطيس) الوطيس: التنور، وهو كناية عن شدة الأمر واضطرام الحرب. ويقال إن هذه الكلمة أول من قالها النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتد البأس يومئذ ولم تسمع قبله، وهي أحسن الاستعارات.
ومنه الحديث (وقدر القوم حامية تفور) أي حارة تغلي، يريد عزة جانبهم وشدة شوكتهم وحميتهم.
وفي حديث معقل بن يسار (فحمي من ذلك أنفا) أي أخذته الحمية، وهي الأنفة والغيرة.
وقد تكررت الحمية في الحديث.