نقد كتاب حياة محمد (ص) - السيد عبد الحسين نور الدين العاملي - الصفحة ١٩
أما عثمان فأنعم له بالجواب، لكن عليا أبى عليه إلا أن يعطيه الأيمان المغلظة والمواثيق المؤكدة أن لا يحابي ذا قرابة (كان عبد الرحمن صهرا لعثمان على أخته) ولا يبتغي بعمله غير وجه الله تعالى... فأعطاه عبد الرحمن ذلك، ثم عقد مؤتمرا جمع فيه المهاجرين والأنصار والتابعين، فقام العلويون يصارحون برأيهم، قال قائلهم إن بويع علي سمعنا وأطعنا وإن بويع غيره سمعنا وعصينا! وقام الأمويون كذلك يقول قائلهم إن بويع عثمان سمعنا وأطعنا، وإن بويع غيره سمعنا وعصينا! وتساب الفريقان وكاد أن يكون بينهما شر! فصاح الناس من كل ناحية قائلين لعبد الرحمن أمض أمرك وأرح الناس، فقال عبد الرحمن لعلي عليه السلام: أمدد يدك فمد يده فقال: أبايعك على أن تعمل بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة أبي بكر وعمر. فقال علي عليه السلام: تبايعني على أن أعمل بكتاب الله وسنة نبيه ومبلغي من العلم. فأعاد عبد الرحمن ما قاله ثلاثا، وأعاد علي ما قاله ثلاثا، فنزع عبد الرحمن يده من يد علي، وقال لعثمان: مد يدك فمد يده، فقال: أبايعك على أن تعمل بكتاب الله وسنة نبيه وبسيرة أبي بكر وعمر، فأنعم له، فبايعه!
فكيف قلت: لم ينجم خلاف بعد؟! وأي خلاف أشد من أن يعلن كل واحد من الفريقين التمرد والعصيان على الخليفة الذي لا يوافقه؟! وهذا الخلاف يدل دلالة واضحة على أن عليا قد صور يؤمئذ مطالبه بصورتها الكاملة فأين قولك (ثم إن عليا لم يكن قد صور مطالبه بصورتها الكاملة)! وكأنك ترى قولك (فلم يكن غرض من الأغراض
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 15 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست