فقال معاوية: عزمت عليك أبا يزيد لما أمسكت، فإني لم أجلس لهذا، وإنما أردت أن أسألك عن أصحاب علي فإنك ذو معرفة بهم.
فقال عقيل: سل عما بدا لك.
فقال: ميز لي أصحاب علي، وابدأ بآل صوحان فإنهم مخاريق الكلام.
قال: أما صعصعة فعظيم الشأن، عضب (1) اللسان، قائد فرسان، قاتل أقران، يرتق ما فتق ويفتق ما رتق، قليل النظير، وأما زيد وعبد الله فإنهما نهران جاريان، يصب فيهما الخلجان، ويغاث بهما البلدان، رجلا جد لا لعب معه، وبنو صوحان كما قال الشاعر:
إذا نزل العدو فإن عندي * أسودا تخلس الأسد النفوسا فاتصل كلام عقيل بصعصعة فكتب إليه: " بسم الله الرحمن الرحيم، ذكر الله أكبر، وبه يستفتح المستفتحون، وأنتم مفاتيح الدنيا والآخرة، أما بعد، فقد بلغ مولاك كلامك لعدو الله وعدو رسوله، فحمدت الله على ذلك، وسألته أن يفيء بك إلى الدرجة العليا، والقضيب الأحمر، والعمود الأسود فإنه عمود من فارقه فارق الدين الأزهر، ولئن نزعت بك نفسك إلى معاوية طلبا لماله إنك لذو علم بجميع خصاله، فاحذر أن تعلق بك ناره فيضلك عن الحجة، فإن الله قد رفع عنكم أهل البيت ما وضعه في غيركم، فما كان من فضل أو إحسان فبكم وصل إلينا، فأجل الله أقداركم، وحمى أخطاركم، وكتب آثاركم، فإن أقداركم مرضية، وأخطاركم محمية، وآثاركم بدرية، وأنتم سلم الله إلى خلقه، ووسيلته إلى طرقه، أيد علية، ووجوه جلية " (2).