زمن معاوية وسعي المغيرة لتعيين قائد الجند -: لقد كان صعصعة بن صوحان قام بعد معقل بن قيس وقال: ابعثني إليهم أيها الأمير، فأنا والله لدمائهم مستحل، وبحملها مستقل.
فقال: اجلس، فإنما أنت خطيب. فكان أحفظه ذلك، وإنما قال ذلك لأنه بلغه أنه يعيب عثمان بن عفان، ويكثر ذكر علي ويفضله، وقد كان دعاه، فقال: إياك أن يبلغني عنك أنك تعيب عثمان عند أحد من الناس، وإياك أن يبلغني عنك أنك تظهر شيئا من فضل علي علانية، فإنك لست بذاكر من فضل علي شيئا أجهله، بل أنا أعلم بذلك، ولكن هذا السلطان قد ظهر، وقد أخذنا بإظهار عيبه للناس، فنحن ندع كثيرا مما أمرنا به، ونذكر الشيء الذي لا نجد منه بدا، ندفع به هؤلاء القوم عن أنفسنا تقية، فإن كنت ذاكرا فضله فاذكره بينك وبين أصحابك وفي منازلكم سرا، وأما علانية في المسجد فإن هذا لا يحتمله الخليفة لنا، ولا يعذرنا به.
فكان يقول له: نعم أفعل، ثم يبلغه أنه قد عاد إلى ما نهاه عنه، فلما قام إليه وقال له: ابعثني إليهم، وجد المغيرة قد حقد عليه خلافه إياه، فقال: اجلس، فإنما أنت خطيب، فأحفظه.
فقال له: أو ما أنا إلا خطيب فقط؟! أجل والله، إني للخطيب الصليب الرئيس، أما والله لو شهدتني تحت راية عبد القيس يوم الجمل حيث اختلفت القنا، فشؤون (1) تفرى، وهامة تختلى، لعلمت أني أنا الليث الهزبر.