توجه إلى القبلة وصلى أربع ركعات، فلما سلم وسبح بسط كفيه وقال: " إلهي كيف أدعوك وقد عصيتك، وكيف لا أدعوك وقد عرفتك... " وأخفت دعاءه، وسجد وعفر وقال: العفو العفو، مائة مرة، وقام وخرج واتبعته حتى خرج إلى الصحراء، وخط لي خطة وقال: إياك أن تجاوز هذه الخطة، ومضى عني.
وكانت ليلة دلهمة (1)، فقلت: يا نفسي أسلمت مولاك وله أعداء كثيرة، أي عذر يكون لك عند الله وعند رسوله؟! والله لأقفن أثره، ولأعلمن خبره، وإن كنت قد خالفت أمره، وجعلت أتبع أثره، فوجدته (عليه السلام) مطلعا في البئر إلى نصفه يخاطب البئر والبئر تخاطبه، فحس بي، والتفت (عليه السلام) وقال: من؟ قلت: ميثم.
فقال: يا ميثم، ألم آمرك أن لا تجاوز الخطة؟ قلت: يا مولاي، خشيت عليك من الأعداء، فلم يصبر لذلك قلبي.
فقال: أ سمعت مما قلت شيئا؟ قلت: لا يا مولاي. فقال: يا ميثم وفي الصدر لبانات (2) * إذا ضاق لها صدري نكت الأرض بالكف * وأبديت لها سري فمهما تنبت الأرض * فذاك النبت من بذري (3)