من تدبيره، وإني مخبرك بما جاء في كتاب من كتبكم يصدق ما ذكرته لك، فإن عرفته أتؤمن به؟ قال اليهودي: نعم.
قال: أ لستم تجدون في بعض كتبكم أن موسى بن عمران (عليه السلام) كان ذات يوم جالسا إذ جاءه ملك من المشرق، فقال له موسى: من أين أقبلت؟ قال: من عند الله عزوجل، ثم جاءه ملك من المغرب فقال له: من أين جئت؟ قال: من عند الله، وجاءه ملك آخر فقال: قد جئتك من السماء السابعة من عند الله تعالى، وجاءه ملك آخر فقال: قد جئتك من الأرض السابعة السفلى من عند الله عز اسمه، فقال موسى (عليه السلام): سبحان من لا يخلو منه مكان، ولا يكون إلى مكان أقرب من مكان؟
فقال اليهودي: أشهد أن هذا هو الحق، وأنك أحق بمقام نبيك ممن استولى عليه (1).
5246 - عنه (عليه السلام): وحد الأشياء كلها عند خلقه إبانة لها من شبهه، وإبانة له من شبهها، لم يحلل فيها فيقال: هو فيها كائن، ولم ينأ عنها فيقال: هو منها بائن، ولم يخل منها فيقال له: أين، لكنه سبحانه أحاط بها علمه، وأتقنها صنعه، وأحصاها حفظه. لم يعزب عنه خفيات غيوب الهواء، ولا غوامض مكنون ظلم الدجى، ولا ما في السماوات العلى إلى الأرضين السفلى. لكل شيء منها حافظ ورقيب، وكل شيء منها بشيء محيط، والمحيط بما أحاط منها (2).