عليك بكاء الفاقدين، ولأنادينك أين كنت يا ولي المؤمنين؟! يا غاية آمال العارفين، يا غياث المستغيثين، يا حبيب قلوب الصادقين، ويا إله العالمين!
أفتراك - سبحانك يا إلهي وبحمدك - تسمع فيها صوت عبد مسلم سجن فيها بمخالفته، وذاق طعم عذابها بمعصيته، وحبس بين أطباقها بجرمه وجريرته، وهو يضج إليك ضجيج مؤمل لرحمتك، ويناديك بلسان أهل توحيدك، ويتوسل إليك بربوبيتك؟!
يا مولاي فكيف يبقى في العذاب وهو يرجو ما سلف من حلمك؟! أم كيف تؤلمه النار وهو يأمل فضلك ورحمتك؟! أم كيف تحرقه لهبها (1) وأنت تسمع صوته وترى مكانه؟ أم كيف يشتمل عليه زفيرها وأنت تعلم ضعفه؟ أم كيف يتقلقل (2) بين أطباقها وأنت تعلم صدقه؟ أم كيف تزجره زبانيتها وهو يناديك يا ربه؟ أم كيف يرجو فضلك في عتقه منها فتتركه فيها (3)؟
هيهات ما ذلك الظن بك، ولا المعروف من فضلك، ولا مشبه لما عاملت به الموحدين من برك وإحسانك!
فباليقين أقطع لولا ما حكمت به من تعذيب جاحديك، وقضيت به من إخلاد معانديك، لجعلت النار كلها بردا وسلاما، وما كان لأحد فيها مقرا ولا مقاما، لكنك تقدست أسماؤك أقسمت أن تملأها من الكافرين، من الجنة والناس أجمعين، وأن تخلد فيها المعاندين، وأنت جل ثناؤك قلت مبتدئا وتطولت