الفقراء والمساكين وغيرهم من الناس، فيعلمهم الفقه والقرآن.
وكان له وقت يقوم فيه من مجلسه ذلك، فقام يوما فمر برجل، فرماه بكلمة هجر - قال: لم يسمه محمد بن علي (عليه السلام) - فرجع عوده على بدئه حتى صعد المنبر، وأمر فنودي الصلاة جامعة، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال:
أيها الناس، إنه ليس شيء أحب إلى الله ولا أعم نفعا من حلم إمام وفقهه، ولا شيء أبغض إلى الله ولا أعم ضررا من جهل إمام وخرقه (1)، ألا وإنه من لم يكن له من نفسه واعظ لم يكن له من الله حافظ، ألا وإنه من أنصف من نفسه لم يزده الله إلا عزا، ألا وإن الذل في طاعة الله أقرب إلى الله من التعزز في معصيته.
ثم قال: أين المتكلم آنفا! فلم يستطع الإنكار، فقال: ها أنذا يا أمير المؤمنين.
فقال: أما إني لو أشاء لقلت. فقال: إن تعف وتصفح فأنت أهل ذلك. قال:
قد عفوت وصفحت.
فقيل لمحمد بن علي (عليه السلام): ما أراد أن يقول؟ قال: أراد أن ينسبه (2).
4170 - شرح نهج البلاغة: أما الحلم والصفح، فكان أحلم الناس عن ذنب، وأصفحهم عن مسيء. وقد ظهر صحة ما قلناه يوم الجمل؛ حيث ظفر بمروان بن الحكم - وكان أعدى الناس له، وأشدهم بغضا - فصفح عنه.
وكان عبد الله بن الزبير يشتمه على رؤوس الأشهاد، وخطب يوم البصرة فقال: قد أتاكم الوغد اللئيم علي بن أبي طالب. وكان علي (عليه السلام) يقول: ما زال الزبير