ولست أقبل هذه الأربعة إلا بها " (1).
والسؤال الآن: هل تتعارض هاتان المجموعتان من النصوص بحيث لا يمكن علاجها مما يتحتم طرح إحداهما، أم أن الجمع بينهما ممكن؟
مقتضى التأمل في هاتين المجموعتين من النصوص ودراستهما بدقة لاتفضي إلى عدم وجود تعارض أساسي بين الاثنين وحسب، بل العكس تفيد أنهما يؤيد بعضهما بعضا من حيث الأصل، وأن إحداهما مكملة للأخرى.
وبيان ذلك - كما ذهب إليه العلامة الطباطبائي - هو: " أن التدبر في الآيتين الكريمتين: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته...) على ما سيجيء من بيان معناه، وقوله (اليوم أكملت لكم دينكم...) والأحاديث الواردة من طرق الفريقين فيهما، وروايات الغدير المتواترة، وكذا دراسة أوضاع المجتمع الإسلامي الداخلية في أواخر عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والبحث العميق فيها، يفيد القطع بأن أمر الولاية كان نازلا قبل يوم الغدير بأيام.
وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يتقي الناس في إظهاره، ويخاف أن لا يتلقوه بالقبول أو يسيؤوا القصد إليه؛ فيختل أمر الدعوة، فكان لا يزال يؤخر تبليغه الناس من يوم إلى غد حتى نزل قوله: (يا أيها الرسول بلغ...) فلم يمهل في ذلك " (2).
في الحقيقة أن هناك تسعة أيام فصلت بين صدور الحكم الإلهي بنصب الإمام علي (عليه السلام) قائدا للأمة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) وبين إبلاغ الحكم، فحكم ولاية الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) صدر في يوم عرفة بعرفات، بيد أن النبي (صلى الله عليه وآله) أخر إبلاغه إلى يوم