الأنبياء (عليهم السلام) ولم يمنعهم كل ذلك من السعي قدما تجاه وظائفهم الشرعية من أجل إصلاح الأمة، ودعوتهم إلى الله تعالى وإن أدى ذلك إلى الشهادة.
فكذلك الحسين (عليه السلام) الذي لا يثنيه عن عزيمته مر ولا يلويه أحد عن موقفه الديني، سار حسبما أملاه عليه الواجب الشرعي والديني وإن تعرض هو مع أهل بيته للتشريد والقتل والإبادة ما دام ذلك بنظر الله وأمره تعالى.
وقد ذكر الحجة الشيخ التستري أعلى الله مقامه: أن للحسين (عليه السلام) تكليفين : واقعي وظاهري:
أ - أما الواقعي الذي دعاه للاقدام على الموت، وتعريض عياله للأسر وأطفاله للذبح مع علمه بذلك، فالوجه فيه: أن عتاة بني أمية قد اعتقدوا أنهم على الحق، وأن عليا وأولاده وشيعتهم على الباطل، حتى جعلوا سبه من أجزاء صلاة الجمعة، وبلغ الحال ببعضهم أنه نسي اللعن في خطبة الجمعة فذكره وهو في السفر فقضاه! وبنوا مسجدا سموه مسجد الذكر فلو بايع الحسين يزيد وسلم الامر إليه لم يبق من الحق أثر، فإن كثيرا من الناس يعتقد بأن المحالفة لبني أمية دليل استصواب رأيهم وحسن سيرتهم، وأما بعد محاربة الحسين لهم، وتعريض نفسه المقدسة وعياله وأطفاله للفوادح التي جرت عليهم، فقد بين لأهل زمانه والأجيال المتعاقبة أحقيته بالامر وضلال من بغى عليه.
ب - وأما التكليف الظاهري فلأنه (عليه السلام) سعى في حفظ نفسه وعياله بكل وجه، فلم يتيسر له وقد ضيقوا عليه الأقطار، حتى كتب يزيد إلى عامله على المدينة أن يقتله فيها، فخرج منها خائفا يترقب، فلاذ بحرم الله الذي هو امن الخائف وكهف