الأستاذ يقين البصري قصيدة البصري حادة سجالية تتصارع فيها قيم ومثل وسلوكات المشاهد الوجودية المختلفة ونرى فيها الشاعر واقفا بكل انحياز إلى الطرف الشاخص المعبر عن مكارم الأخلاق...
فالشعر عنده وسيلة توصيل وإخبار عن معان توظف كل ما هو جمالي لصالح الخير والحق ضد الشر والباطل، وهو يستخدم الجمال ليصارع به قباحة الحياد وظلاميته معلنا هتافه المتطرف بشموخ البطولة والفروسية صائنا للمثال الذي لا يعاصره زمنيا، فهو إما، غائر في أصداء الماضي المخنوق، أو ناء في نداءات المستقبل الذي لم يصله الشاعر بعد، وبين هذا وذاك ينقل الشاعر توقه وحنينه بوثوقية ويقين المنتظر مفلسفا انتظاره في خطاب أخلاقي يصل حد الهتاف في الوجوه التي تحاصره وتطوقه.
ولأنه مشغول بالايصال في عالم يحتاج أن يسمي الأشياء بأسمائها فهو يقلص موقفه الجمالي إلى معجمية مباشرة، فلا وقت عنده للتأملات الشاردة الباحثة عن آفاقها خلف الأشياء، فهناك منايا مكفهرة وهناك أيضا ما يهدد كل شئ ويهمشه:
هنا على النهر ترنو ألف مشنقة * إلى الصباح لتطفي الشمس والشهبا هنا زفير المنايا الحمر منتظر * مخاضه الصعب مزهوا ومنتصبا فلات ساعة شرود أمام اغتيال الدم المقدس والنجوم العذارى بمخالب الذئاب، لابد من عذابات مطرزة بالكبرياء تشطب المحل والجدب الروحي والأخلاقي والقيمي، لابد من انتصاب المنار - المثال حتى لو كان من الدم الشرس العصي الثائر الصلب،