الأستاذ جواد جميل شاعرية الحيوية الإنسانية المتدفقة المنتصبة أمام الفناء والموت بكل شموخ الموقف الوجودي التفصيلي الذي يصون ويديم قيم الحياة ونقاءها الخلاب، شاعرية الرؤى والتأملات الهاربة خلف نزق طفولي يمسك بطين الإبداع ليشكله وفق أعين الكبار الذين يرون فيه توازنا وانسجاما مفقودا لديهم.
لذلك فشاعرها يبكيهم لكن ليس من أجل البكاء، فلا يصل بكاؤه إلى مناطق العويل لأنه سرعان ما ينتبه إلى التدفق والنمو والنضارة والطراوة التي تحيط الأشياء فيهرب إليها بلا وقار ولا تصنع.
إن النزق العابث هو روح شاعرية جواد جميل الذي يلائم نصه مع حاجاته الاتصالية بكل سلاسة فهو ذو رؤيا ملتفتة بشدة إلى البدء الأول أو إلى الجوهري والصميمي من الأشياء، وعلاقته بمادته علاقة حدسية متوقدة يستشرف النهايات بعمق منذ الوهلة الأولى، وهو أكثر إخلاصا لما لم يتشكل بعد، وما لم يأت بعد، وما لم يخن الجذور الأولى، فتأتي قصيدته دائما مثل حلم اليقظة، حلم وطفولة وبدائية منفتحة على كل الاحتمالات والإمكانات من جهة، وفي الجهة الأخرى هي يقظة ووعي وموقف واستشراف للأبعاد المستترة والخفية، ومن معطيات هذا الوعي واليقظة محاولة جادة متسلطة على قصيدة العمود ذات الشطرين لتحديثها من خلال ضخ الكريات الأدونيسية في دمها بشكل يمكن أن نصطلح على تسميته ب (أدنسة العمود) مع خشية حريصة على عدم تشتت وتبعثر الأوليات إلى شظايا شعرية متناثرة، فهذه المحاولة لا تزال في أفق التجريب والاختبار، مع كفاءتها في التوازي