النفس، ويقبله المنصف.
فالذي لا يعتريه الشك ان كلامه صريح في رد رسول الله - صلى الله عليه وآله -، ومعارضته له، وان الأمة حرمت بذلك عن الامن من الضلال، ولم يرد ابن عباس بقوله: الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله - صلى الله عليه وآله - وبين كتابه إلا هذا، لان حرمان الأمة من الامن من الضلال، رزية ليس فوقها رزية، ترتب عليها جميع المصائب والاختلافات. فلا إيراد على المسلم المنصف، إن وقف عند هذه الواقعة العظيمة، وتفكر في مغزاها، كما لا اعتراض عليه إن قال: إن الامر الذي أراد كتابته، فمنعوه عنه، كان توثيق عهده لأخيه وابن عمه علي - عليه السلام - بالإمامة والخلافة بعده، ولكنهم لما علموا من تنصيصاته المتكررة في غدير خم، وحديث الثقلين الذي حصر فيه الامن من الضلال بالتمسك بالكتاب والعترة، وحديث المنزلة، وغيرها، صدوه عن كتابته، وهذا هو الامر الذي أبكى ابن عباس حتى خضب دمعه الحصباء، وقال: الرزية، كل الرزية..
ولو كان صاحب هذه الكلمة غير عمر، لكان موقفهم تجاهها غير هذا، ولكن الذي يهون الخطب عنده، ويسهل له قبول التأويلات المذكورة في حاشية السندي أن المتكلم بها عمر.
وليعلم أنه ليس غرضنا من هذا المقال، الطعن على الخليفة، ولا على غيره من المسلمين، ولا رد تأويلاتهم في ذلك، فحساب الخلق على الله ولا تزر وازرة وزر أخرى، بل غرضنا النظر في أمثال هذه الحوادث، من الناحية العلمية.
فمن يتأول رزية يوم الخميس وأمثالها، ولا يرى في ذلك بأسا، ويجتهد لان يحملها على المحامل الصحيحة، كيف لا يؤول قول من قدح في عدالة أحد من الصحابة اجتهادا ونظرا إلى مثل هذا الحديث الصريح