وحبسه، ثم أمر السندي بن شاهك بقتله وإن أراد بحديثه هذا، إبداء الأسف على عدم معرفة قبر هارون، وكان يود أن يكون له ضريح كضريح الإمام الرضا - عليه السلام - ويحترمه المسلمون كاحترامهم للامام، فهذا أمر لا يتوقعه إلا من لم تكن له بصيرة بفلسفة الاجتماع وآثار مواقف الرجال، فموقف الإمام الرضا و سائر أئمة أهل البيت - عليهم السلام - موقف يجذب العواطف، وينفذ إلى أعماق القلوب، ويحبب صاحبه إلى كل قريب وبعيد، بينما موقف أعدائهم وظالميهم موقف يجعل صاحبه معرضا للطعن، وتنفر منه القلوب، وتشمئز منه النفوس، ويبغض صاحبه إلى كل قريب وبعيد.
وإن من أقوى الأدلة على حرية التفكير الاسلامي واستقرار روح العدل والمساواة، والنفور من الدكتاتورية والظلم عند المسلمين، عدم اعتنائهم بآثار الجبابرة، واعتناءهم بآثار أهل البيت - عليهم السلام - والصحابة والعلماء والمصلحين المشهورين بالغيرة على الاسلام والجهاد ضد استبداد المستبدين.
وإني - وقد ساقنا الحديث إلى هنا - أرى أنه من الضرورة بمكان أن نعلن، كمسلمين واعين، عدم شرعية حكومة هؤلاء المستكبرين أو أولئك الذين ملكوا المسلمين، وأحيو سنن الملوكية بكل ما فيها من التواء وانحراف عن خط الرسالة وصفاء التعاليم السماوية المباركة، وسموا أنفسهم خلفاء، ويشهد التاريخ (كالكامل وغيره) على سيرتهم غير المرضية، وإن منهاج الشريعة وبرامج الاسلام لا يمكن أن تنجب حكومات كهذه الحكومات، أو تعترف بها وبشرعيتها، كما لا يمكن أن تنجب من يعترف بشرعيتها ويدافع عنها.
فالاسلام والمسلم لا يفخر بهؤلاء، بل يفخر بمبادئه السامية