ومجتمعاتهم وجامعاتهم وشوارعهم وأسواقهم ومجلاتهم وجرائدهم، جاهليات كثيرة: جاهلية العصر الحاضر، جاهلية القرن، جاهلية الشرق، جاهلية الغرب، جاهلية الرأسمالية والامبريالية، جاهلية الشيوعية والماركسية..، جاهليات هي ليست أقل خطرا من الجاهلية الأولى ان لم تكن أخطر.
فحاضر المسلمين في مظاهرهم وظواهرهم، وفي ملابسهم، وفي مطبوعاتهم، وفي إذاعاتهم، وفي أفلام سينماءاتهم يدل على أنهم أصبحوا بعيدين - كل البعد - عن الاسلام شكلا ومضمونا.
أما شكلا: فيلاحظ ذلك في عاداتهم، وآدابهم، وأزيائهم، ومخالطاتهم، ومعاشرتهم.
وأما مضمونا: فيلاحظ ذلك في قوانينهم وبرامجهم وأنظمتهم، إذ ان أكثر الجماعات الاسلامية، اتخذت العلمانية مبدأ رسميا وعمليا لها، فمن لم يتخذها رسميا اخذها عمليا. فنبذوا الاسلام وأصوله ومبانيه وتعاليمه السامية، وعزلوه عن إدارة المجتمع، وأصبح المثل الاعلى للمسلمين، والهم الأكبر لهم، رجالا ونساءا، هو مسايرة ركب الحضارة الغربية أو الشرقية ومتابعتها.. وأكثر ما يتجلى ذلك، في نداءات الكثير من قادتهم ومثقفيهم وكتابهم، بضرورة الاخذ بتلك الحضارات المليئة بالمضار والمفاسد والشرور، واتباعها.
ومن المحزن والمخزي أن العامة من الناس تستجيب لهذه النداءات المغرية، والدعوات الخلابة، وهي لا تعلم خلفياتها وحقيقتها وما تنطوي عليه، معتقدة بكل صدق وإخلاص وبراءة، أن هؤلاء الجهلة المأجورين يعالجون أدواءهم، فأصبحت لذلك مناهج التربية والتعليم، ووسائل الثقافة والاعلام، متأثرة بهذا الدواء (السم المعسول).