وتظاهر أبو سفيان بالوقوف مع علي لا حبا بعلي; فعلي هو قاتل ابنه حنظلة والأكثرية من قتلى بني أمية ولكن رغبة بتسخين وضع ابنيه في الجهة المقابلة، وتجزيلا لنصيبه من الغنيمة، وعلى الفور تركت له قيادة البطون ما جمع من الصدقات، وولت ابنه يزيد قائدا لجيوش الشام، وعينت ابنه الثاني معاوية نائبا لأخيه ليحل محله إذا مات!! وهكذا رضي الثلاثة، وأيقنوا بأنهم قد وضعوا حجر الأساس للملك الأموي. وما زالت ولاية معاوية تتوسع حتى شملت سوريا كلها بحدودها الطبيعية، وتركه الخلفاء الثلاثة، الأول واليا على الشام عشرين عاما، يجمع كما يشاء، ويدخر ما يشاء، ويعطي من يشاء، ويحرم من يشاء بلا حسيب ولا رقيب، لقد كان ملكا حقيقيا وسلطة الخلافة عليه سلطة اسمية!! وكأن تولية يزيد ابن أبي سفيان ووراثة معاوية ليزيد أخيه وبقاءه واليا على الشام جزء من صفقة وحدة البطون ضد علي!! كان عمر يحاسب كل ولاته على الكثير والقليل ويعزلهم سريعا ولكن لا أحد في الدنيا يخبرنا متى حاسبه!! وعلى أي شئ!!
ولماذا لم يعزله!! إنه يعد معاوية لأمر عظيم!!!.
معاوية يطالب بخلافة المسلمين!!!:
آلت الخلافة إلى علي بن أبي طالب بالطريقة نفسها التي اخترعها قادة البطون، وكان عثمان الأموي قد قتل لتوه، وكانت دولة الخلافة أموية من جميع الوجوه فلا تجد مصرا من الأمصار إلا وواليه أموي أو من المخلصين لبني أمية، لقد نجح عثمان قبل موته بجعل دولة الخلافة أموية بالفعل، لو كان غير الإمام علي لسلم فور تسلمه للخلافة، ولما حكم ستة أيام!! وعلى كل فقد جاءت بيعة كل الأقاليم إلا ولاية الشام، فقد رفض معاوية بيعته متذرعا بقتلة عثمان، لقد كان بإمكانه أن ينصر عثمان وهو حي ولكنه تخلى عن عثمان كجزء من خطته الرامية إلى استيلائه على منصب الخلافة بالقوة، والتغلب، والقهر، وتحويلها إلى ملك يتوارثه الأمويون، واستعمال سيف الخلافة للتنكيل بخصوم بني أمية. إن الفرصة مؤاتية له بالفعل ليحقق كامل أحلامه، فخزائن الشام مليئة بالأموال التي ادخرها وأعدها لهذه الغاية!!!.