كانت من الأمور الرضائية البحتة، لأن البيعة عقد بين طرفين، ولا عقد دون الرضا التام، فلم يصدف بتاريخ النبوة المحمدية أن أجبر رسول الله أحدا من الناس ليبايعه للدخول في الدين أو القبول بولايته وقيادته. إن كل الذين بايعوه على الدخول في الدين أو القبول بولايته وقيادته بايعوا بمحض اختيارهم ورضاهم التام من دون إكراه. تلك حقيقة مطلقة وثابتة لا يماري فيها إلا جاهل (1).
وبعد وفاة النبي توصل الخلفاء الثلاثة إلى قرار استبعاد القتل للحصول على بيعة القبول بقيادتهم، وجعل القتل وسيلة احتياطية، لا يصار إليها إلا عند الضرورة القصوى، واستعاض الخلفاء الثلاثة عن القتل بوسائل أخرى، سقنا قبل قليل أمثلة منها.
ومن هنا فإن ملاحقة الإمام الحسين ومطاردته والإصرار على ضرورة مبايعته ومن معه أو قتلهم أمر في غاية الغرابة والاستهجان، فلو ترك الإمام الحسين وشأنه لما جاء منه خطر يذكر على دولة بني أمية، لأن الأكثرية الساحقة من الأمة كانت سادرة ولاهية عنه بدنياها.
معاوية أول من سن القتل والإرهاب للاستيلاء على منصب الخلافة، وأخذ البيعة حب القيادة والدفاع عنها:
كانت قيادة بطون قريش في الجاهلية لأبي سفيان بلا خلاف، وعندما أعلن النبي نبأ النبوة والرسالة أدرك أبو سفيان بأن قيادته في خطر، وأدركت بطون قريش ال 23 أن الصيغة السياسية الجاهلية القائمة على اقتسام مناصب الشرف بين البطون قد أصبحت في خطر أيضا، وأن النبوة مؤامرة هاشمية على أبي سفيان