كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٧٢
كانت من الأمور الرضائية البحتة، لأن البيعة عقد بين طرفين، ولا عقد دون الرضا التام، فلم يصدف بتاريخ النبوة المحمدية أن أجبر رسول الله أحدا من الناس ليبايعه للدخول في الدين أو القبول بولايته وقيادته. إن كل الذين بايعوه على الدخول في الدين أو القبول بولايته وقيادته بايعوا بمحض اختيارهم ورضاهم التام من دون إكراه. تلك حقيقة مطلقة وثابتة لا يماري فيها إلا جاهل (1).
وبعد وفاة النبي توصل الخلفاء الثلاثة إلى قرار استبعاد القتل للحصول على بيعة القبول بقيادتهم، وجعل القتل وسيلة احتياطية، لا يصار إليها إلا عند الضرورة القصوى، واستعاض الخلفاء الثلاثة عن القتل بوسائل أخرى، سقنا قبل قليل أمثلة منها.
ومن هنا فإن ملاحقة الإمام الحسين ومطاردته والإصرار على ضرورة مبايعته ومن معه أو قتلهم أمر في غاية الغرابة والاستهجان، فلو ترك الإمام الحسين وشأنه لما جاء منه خطر يذكر على دولة بني أمية، لأن الأكثرية الساحقة من الأمة كانت سادرة ولاهية عنه بدنياها.
معاوية أول من سن القتل والإرهاب للاستيلاء على منصب الخلافة، وأخذ البيعة حب القيادة والدفاع عنها:
كانت قيادة بطون قريش في الجاهلية لأبي سفيان بلا خلاف، وعندما أعلن النبي نبأ النبوة والرسالة أدرك أبو سفيان بأن قيادته في خطر، وأدركت بطون قريش ال‍ 23 أن الصيغة السياسية الجاهلية القائمة على اقتسام مناصب الشرف بين البطون قد أصبحت في خطر أيضا، وأن النبوة مؤامرة هاشمية على أبي سفيان

(1) راجع محاسن التأويل للقاسمي ج 16 ص 5776، وراجع صحيح البخاري كتاب البيوع، وصحيح مسلم كتاب " الأقفية "، والتفسير الحديث عن عزة دروزه ج 2 ص 24 - 25 و 29 و ج 15 ص 5401 و 5416 من محاسن التأويل، وسيرة ابن هاشم ج 1 ص 432 و 433 و 441 و 446 و 449 لنرى بعض نماذج من بيعة المسلمين لرسول الله.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327