كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٨٦
فهو لن يكون أعظم من أبيه ولا له المكانة المقدسة نفسها التي كانت لأمه ومع هذا هدد أبوه بالقتل، وشرعت السلطة بحرق بيت فاطمة على من فيه، وصادرت السلطة تركة الرسول، وحرمت ورثته من إرثهم وحرمت ذوي قربى النبي من سهمهم ولم يجد أهل بيت النبوة في المدينة رجلا واحدا يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر، لذلك توصل معاوية وأركان دولته إلى نتيجة مفادها بأن الحسين سيغادر المدينة هو وأهله وعلى الأغلب إلى مكة من حيث المبدأ.
وقدر معاوية أن مغادرة الحسين للمدينة أمر ترغبه سلطة الخلافة لأن أهل المدينة يعرفون الحسين معرفة عميقة ويعرفون قربه للنبي ومكانته العلمية، صحيح أنهم لن يحركوا ساكنا إن قتل الإمام الحسين وأهل بيته أمامهم، ولن يأمروا بمعروف أو ينهوا عن المنكر عمليا لكن قتل رجل وأهل بيته بحجم الحسين وأهل بيت النبوة أمام معارفهم سيثير شيئا من مشاعر استياء أهل المدينة، لذلك كان خروج الإمام الحسين خطوة تمنتها السلطة، ولو أرادت دولة الخلافة أن تلحق بالإمام الحسين للحقته بكل سهولة، لأن الحسين قد أصر على سلوك الطريق التي يسلكها الناس عامة عند ذهابهم إلى مكة، وعندما نصحه ابن عمه مسلم بن عقيل أن يعدل عن الطريق رفض الحسين ذلك قائلا: " والله يا ابن عمي لا فارقت هذا الطريق أبدا أو أنظر إلى أبيات مكة، أو يقضي الله في ذلك ما يحب ويرضى " (1).
وقال الطبري: إن الحسين قد رد على من اقترح عليه مجانبة الطريق قائلا:
" والله لا أفارقه حتى يقضي الله ما هو أحب إليه " (2) وهكذا ذكر الشيخ المفيد (3).
وفي رواية " إن الحسين خرج المدينة وركب الجادة العظمى، فقال له أهل بيته: لو سلكت الطريق الأفرع لكان أصح فقال الحسين " أتخافون الطلب "؟ قالوا: أجل!
فقال الحسين: لن أحيد الطريق حذر الموت " (4).

(١) راجع كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي ج ٥ ص ٢٤، ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ١٨٩، وينابيع المودة ج ٢ ص ٤ إلى قوله أبدا.
(٢) راجع تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٧٦.
(3) راجع الإرشاد للشيخ المفيد ج 2 ص 2.
(4) راجع مقتل الحسين لأبي مخنف ص 25، وينابيع المودة ج 2 ص 4.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327