من وسائل معاوية:
خلال مدة ولاية معاوية على الشام بنى جيشا منظما، يدين له شخصيا بالطاعة العمياء، ولا يعرف هذا الجيش من الإسلام إلا القشور. فمعاوية نفسه لا يعرف الإسلام فهو طليق وابن طليق ومن المؤلفة قلوبهم، فكان هذا الجيش من أعظم وسائل معاوية التي استعملها للاستيلاء على منصب الخلافة، وقهر أعدائه، كان هذا الجيش بيد معاوية كالخاتم بالأصبع، يحركه كيفما يشاء; فلو أمره معاوية أن يهدم الكعبة لهدمها عن طيب خاطر، وقد هدمها في زمن يزيد، وهدمها في زمن عبد الملك، ولو أمره معاوية أن يستبيح المدينة المنورة، فيقتل رجالها، وينهب أموالها لفعل، وقد فعل ذلك في زمن يزيد بن معاوية، إذ قتل عشرة آلاف بيوم واحد، واغتصب جيشه ألف عذراء، وقد حارب معاوية بهذا الجيش أمير المؤمنين عليا. وأرسل فرقة من هذا الجيش مع بسر بن أرطأة، وأمره أن يسير إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة ومن مكة إلى صنعاء، فيقتل كل من كان في طاعة علي، وينهب أموال كل من ليس في طاعة معاوية، وأمره بأن ينشر الرعب أينما حل، وأن يخوف عباد الله ويأخذهم أخذا أليما، ونفذ بسر بن أرطأة أوامر مولاه معاوية بدقة، فكان يقتل الرجال والنساء والأطفال، لقد قتل طفلي عبيد الله ابن العباس وعاد بسر إلى الشام بعد أن أخذ البيعة لمعاوية بالعنف والإرهاب.
الأنصاري وأم سلمة يصفان أسلوب معاوية:
قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: قال جابر بن عبد الله الأنصاري: " لما خفت بسرا وتواريت عنه، قال لقومي: " لا أمان لكم عندي حتى يحضر جابر، فأتوني وقالوا: ننشدك لما انطلقت معنا فبايعت، فحقنت دماءنا، ودماء قومك فإنك إن لم تفعل قتلت مقاتلينا، وسبيت ذرارينا، فاستنظرتهم الليل، فلما أمسيت دخلت على أم سلمة (إحدى زوجات الرسول) فأخبرتها الخبر، فقالت: يا بني انطلق فبايع، أحقن دمك ودماء قومك، فإني قد أمرت ابن أخي أن