كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٨٣
أن الإمام الحسين على حق، وأنه الممثل الشرعي لهذا الحق، ويعرفون والده الإمام علي، ومكانته العالية، وعدله، وصبره، ورحمته بالعباد، والتزامه الصارم بالشرعية الإلهية، وهم يعرفون أيضا بني أمية، وتاريخهم الدموي الأسود، وظلمهم الذي جاوز المدى، وبشاعة حكمهم، ومعاداتهم الصارمة للشرعية الإلهية، وجهلهم بها، وتجاهلهم لها ويبدو أن الإمام لم يقطع الرجاء بنصرة أهل الكوفة له حتى بعد أن وصل إلى كربلاء، فهل يعقل أن يبايعه ثمانية عشر ألفا، ولا يفي له منهم بهذه البيعة مائة!!! كان بإمكان الإمام أن يرجع من الطريق قبل أن يلقاه الحر ومعه طليعة جيش الخلافة، لكنه رأى أنه ملزم أخلاقيا ودينيا بالقدوم إلى الكوفة من أجل الذين كتبوا له، وأرسلوا له الرسل، ومن أجل الثمانية عشر ألفا الذين بايعوا ابن عمه مسلم بن عقيل!! فهل يعقل أن يتخلى عنه أهل الكوفة بهذه السهولة وأن يتركوه وحيدا!! ثم ما الذي أجبرهم على كتابة كتب الدعوة، وإرسال الرسل!!! تلك أمور لا تصدق بالفعل!! وهل قضية الكتب والرسل مؤامرة من معاوية وابنه كما أسلفنا ووثقنا!! فإذا كانت الكتب والرسل أجزاء من مؤامرة وفصول فيها، فما هو موضوع بيعة الثمانية عشر ألفا الذين شهد مسلم بن عقيل بأنهم قد بايعوه!! وهل يعقل أن تكون فصلا من المؤامرة!! وأنها نوع من الإختراق، أو تغلغل مخابرات دولة الخلافة!!.
وما يعنينا هو أن الإمام الحسين قد ركز تركيزا خاصا على إقامة الحجة على أهل الكوفة من خلال رسائله التي أشرنا إلى بعضها وسنشير إلى بعض آخر منها، ومن خلال تصريحاته، ومن خلال خطبه التي انتهت كلها إلى أسماع أهل الكوفة وإلى أسماع جيش الخلافة.
تقريع الإمام لأهل الكوفة:
عبأ عمر بن سعد جيش دولة الخلافة لمحاربة الإمام الحسين، ورتبهم في مراتبهم، وأقام السرايا في مواضعها، وعبأ الإمام الحسين أصحابه في الميمنة والميسرة فأحاطوا بالحسين من كل جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة، فخرج الحسين من أصحابه حتى أتى الناس فقال لهم: " ويلكم ما عليكم أن تنصتوا إلي، فتسمعوا قولي، وإنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد، فمن أطاعني كان من الراشدين،
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327