فقال الإمام الحسين: " اتقوا الله ربكم ولا تقتلوني، فإنه لا يحل لكم قتلي، ولا انتهاك حرمتي، فإني ابن بنت نبيكم، وجدتي خديجة زوجة نبيكم، ولعله قد بلغكم قول نبيكم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " (1).
ودنا الجيش " الإسلامي " من معسكر الإمام، فدعا الإمام براحلته فركبها، ونادى بأعلى صوته: " أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوني حتى أعظكم بما لحق لكم علي وحتى اعتذر إليكم من مقدمي عليكم، فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي، وأعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم علي سبيل، وإن لم تقبلوا عذري، ولم تعطوا النصف من أنفسكم * (فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون) * [يونس / 71] * (إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين) * [الأعراف / 196].
لما سمعت أخواته، وبناته كلام الإمام صحن، وبكين، وارتفعت أصواتهن وسمع الجيش " الإسلامي " نحيب بنات الرسول وبكاءهن فأرسل الإمام أخاه العباس بن علي، وعليا ابنه وقال لهما: " اسكتاهن، فلعمري ليكثرن بكاؤهن ".
وبعد ذلك حمد الله الإمام ربه وشكره وصلى على نبيه وآله ثم قال: " أما بعد: فانسبوني فانظروا من أنا، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، فانظروا هل يحل لكم قتلي، وانتهاك حرمتي؟!! ألست ابن بنت نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء به من عند ربه؟ أو ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟ أو ليس جعفر الشهيد الطيار ذو الجناحين عمي؟.
أولم يبلغكم قول مستفيض فيكم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟ فإن صدقتموني بما أقول، وهو الحق، فوالله ما تعمدت كذبا مذ علمت أن الله يمقت عليه أهله، ويضر به من اختلقه، وإن كذبتموني، فإن فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري، أو أبا سعيد الخدري، أو سهل بن سعد الساعدي، أو زيد بن أرقم، أو أنس بن مالك،