كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٨٨
فقال الإمام الحسين: " اتقوا الله ربكم ولا تقتلوني، فإنه لا يحل لكم قتلي، ولا انتهاك حرمتي، فإني ابن بنت نبيكم، وجدتي خديجة زوجة نبيكم، ولعله قد بلغكم قول نبيكم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " (1).
ودنا الجيش " الإسلامي " من معسكر الإمام، فدعا الإمام براحلته فركبها، ونادى بأعلى صوته: " أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوني حتى أعظكم بما لحق لكم علي وحتى اعتذر إليكم من مقدمي عليكم، فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي، وأعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم علي سبيل، وإن لم تقبلوا عذري، ولم تعطوا النصف من أنفسكم * (فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون) * [يونس / 71] * (إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين) * [الأعراف / 196].
لما سمعت أخواته، وبناته كلام الإمام صحن، وبكين، وارتفعت أصواتهن وسمع الجيش " الإسلامي " نحيب بنات الرسول وبكاءهن فأرسل الإمام أخاه العباس بن علي، وعليا ابنه وقال لهما: " اسكتاهن، فلعمري ليكثرن بكاؤهن ".
وبعد ذلك حمد الله الإمام ربه وشكره وصلى على نبيه وآله ثم قال: " أما بعد: فانسبوني فانظروا من أنا، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، فانظروا هل يحل لكم قتلي، وانتهاك حرمتي؟!! ألست ابن بنت نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء به من عند ربه؟ أو ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟ أو ليس جعفر الشهيد الطيار ذو الجناحين عمي؟.
أولم يبلغكم قول مستفيض فيكم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟ فإن صدقتموني بما أقول، وهو الحق، فوالله ما تعمدت كذبا مذ علمت أن الله يمقت عليه أهله، ويضر به من اختلقه، وإن كذبتموني، فإن فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري، أو أبا سعيد الخدري، أو سهل بن سعد الساعدي، أو زيد بن أرقم، أو أنس بن مالك،

(١) مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ٢٥٢، والمناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ١٠٠ وذكر بعض الخطبة، وبحار الأنوار ج ٤٥ ص ٥ والعوالم ج 17 ص 249 والموسوعة ص 416 / 417.
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327