من بر العراق إلا يسيرا، فقال ابن سعد مستهزئا من قول الإمام: في الشعير كفاية عن البر " (1).
وعندما نزل الإمام الحسين في كربلاء كتب له عبيد الله بن زياد كتابا مليئا بالغرور والغطرسة طلب منه في نهايته أن ينزل على حكمه وحكم يزيد بن معاوية وأرسل عبيد الله بن زياد هذا الكتاب مع رسول من خواصه، فلما قرأه الإمام الحسين رماه أمام الرسول فطلب منه الرسول جوابا على كتاب عبيد الله بن زياد فقال الإمام الحسين: " ماله عندي جواب، لأنه قد حقت عليه كلمة العذاب ".
فعاد الرسول وأخبر عبيد الله بن زياد بما قاله الإمام فجن جنونه من الغضب (2).
وتقدم الإمام حتى وقف بإزاء القوم، ونظر إلى ابن سعد واقفا في صناديد الكوفة، فقال الإمام:
" الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء، وزوال، متصرفة بأهلها حالا بعد حال، فالمغرور من غرته، والشقي من فتنته، فلا تغرنكم هذه الدنيا، فإنها تقطع رجاء من ركن إليها وتخيب طمع من طمع فيها. وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، وأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحل بكم نقمته، وجنبكم رحمته، فنعم الرب ربنا، وبئس العبد أنتم. أقررتم بالطاعة، وآمنتم بالرسول محمد " ص " ثم إنكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم، لقد استحوذ عليكم الشيطان، فأنساكم ذكر الله العظيم، فتبا لكم ولما تريدون، إنا لله وإنا إليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعدا للقوم الظالمين ".
فقال عمر بن سعد: " ويلكم كلموه "، فتقدم شمر بن ذي الجوشن فقال:
" يا حسين ما هذا الذي تقول؟ أفهمنا حتى نفهم ".