كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٨٧
من بر العراق إلا يسيرا، فقال ابن سعد مستهزئا من قول الإمام: في الشعير كفاية عن البر " (1).
وعندما نزل الإمام الحسين في كربلاء كتب له عبيد الله بن زياد كتابا مليئا بالغرور والغطرسة طلب منه في نهايته أن ينزل على حكمه وحكم يزيد بن معاوية وأرسل عبيد الله بن زياد هذا الكتاب مع رسول من خواصه، فلما قرأه الإمام الحسين رماه أمام الرسول فطلب منه الرسول جوابا على كتاب عبيد الله بن زياد فقال الإمام الحسين: " ماله عندي جواب، لأنه قد حقت عليه كلمة العذاب ".
فعاد الرسول وأخبر عبيد الله بن زياد بما قاله الإمام فجن جنونه من الغضب (2).
وتقدم الإمام حتى وقف بإزاء القوم، ونظر إلى ابن سعد واقفا في صناديد الكوفة، فقال الإمام:
" الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء، وزوال، متصرفة بأهلها حالا بعد حال، فالمغرور من غرته، والشقي من فتنته، فلا تغرنكم هذه الدنيا، فإنها تقطع رجاء من ركن إليها وتخيب طمع من طمع فيها. وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، وأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحل بكم نقمته، وجنبكم رحمته، فنعم الرب ربنا، وبئس العبد أنتم. أقررتم بالطاعة، وآمنتم بالرسول محمد " ص " ثم إنكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم، لقد استحوذ عليكم الشيطان، فأنساكم ذكر الله العظيم، فتبا لكم ولما تريدون، إنا لله وإنا إليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعدا للقوم الظالمين ".
فقال عمر بن سعد: " ويلكم كلموه "، فتقدم شمر بن ذي الجوشن فقال:
" يا حسين ما هذا الذي تقول؟ أفهمنا حتى نفهم ".

(١) راجع الفتوح لابن أعثم ج ٥ ص ١٠٢، ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ٢٤٥، والبداية والنهاية لابن كثير ج ٨ ص ١٨٩، وبحار الأنوار ج ٤٤ ص ٣٨٨، والعوالم ج ١٧ ص ٢٣٩ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٥٩٩.
(٢) راجع الفتوح لابن أعثم ج ٥ ص ٩٥، ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ٢٣٩ وبحار الأنوار ج ٤٤ ص ٣٨٣ والعوالم ج 17 ص 234 والموسوعة 377.
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327