أما إنه لا تلبثون بعدها إلا كريث ما يركب الفرس، حتى تدور بكم دور الرحى، عهد عهده إلي أبي عن جدي، فأجمعوا أمركم وشركاءكم فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون، إني توكلت على الله ربي وربكم، ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم، اللهم احبس عنهم قطر السماء، وابعث عليهم سنين كسني يوسف، وسلط عليهم غلام ثقيف، يسقيهم كأسا مصبرة، فلا يدع فيهم أحدا، قتلة بقتلة، وضربة بضربة ينتقم لي ولأوليائي ولأهل بيتي وأشياعي منهم، فإنهم غرونا وكذبونا وخذلونا، وأنت ربنا عليك توكلنا، وإليك أنبنا وإليك المصير " ثم قال: " أين عمر بن سعد؟ ادعوا لي عمر "، فدعي له، وكان كارها لا يحب أن يأتيه، فقال: " يا عمر، أنت تقتلني تزعم أن يوليك الدعي ابن الدعي بلاد الري وجرجان، والله لا تتهنأ بذلك أبدا، عهدا معهودا، فاصنع ما أنت صانع، فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة، ولكأني برأسك على قصبة قد نصب بالكوفة، يتراماه الصبيان، ويتخذونه غرضا بينهم " (1).
الإمام يقيم الحجة على جيش الخليفة وقيادته:
بعث عمر بن سعد بن أبي وقاص قرة بين قيس الحنظلي فقال له: ويحك يا قرة الق حسينا فسله ما جاء به؟ وماذا يريد، وجاء قرة وأبلغه رسالة عمر بن سعد إليه فقال الحسين: " كتب إلي أهل مصركم أن أقدم، فأما إذ كرهوني فأنا أنصرف عنهم " (2).
وروى الخوارزمي أن الإمام قال: " يا هذا أبلغ صاحبك عني أني لم أرد هذا البلد، ولكن كتب إلي أهل مصركم هذا أن آتيهم فيبايعونني، ويمنعونني، وينصروني ولا يخذلوني، فإن كرهوني انصرفت عنهم من حيث جئت " (3).