كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٨٦
وروى الدينوري أن الإمام الحسين قال: " أبلغه عني أن أهل هذا المصر كتبوا إلي يذكرون أن لا إمام لهم، ويسألونني القدوم عليهم، فوثقت بهم، فغدروا بي بعد أن بايعني منهم ثمانية عشر ألف رجل، فلما دنوت علمت غرور ما كتبوا به إلي أردت الانصراف إلى حيث أقبلت، فمنعني الحر بن يزيد حتى جعجع بي في هذا المكان، ولي بك قرابة قريبة، ورحم ماسة فأطلقني حتى انصرف " (1).
وأحاط رسول ابن سعد بن أبي وقاص بكل كلمة قالها الإمام الحسين، وتولى ابن سعد نقل كل ما قاله الإمام الحسين إلى عبيد الله بن زياد، فأجابه ابن زياد، أعرض على الحسين أن يبايع ليزيد بن معاوية هو وجميع أصحابه، فإن فعل ذلك رأينا فيه رأينا، فأرسل عمر بن سعد كتاب ابن زياد إلى الحسين، فقال الإمام الحسين للرسول: " لا أجيب ابن زياد بذلك، فهل هو إلا الموت فمرحبا به " (2) ومن الطبيعي أن يسمع الجيش المتمركز في كربلاء بكل ما قاله الإمام، وكل ما قاله عمر بن سعد، وكل ما قاله عبيد الله بن زياد، فالجيش مشدود كالوتر، ويترقب الأمر ببدء القتال ثانية بثانية.
وأرسل الإمام إلى عمر بن سعد: " إني أريد أن أكلمك فالقني الليلة بين عسكري وعسكرك "، والتقى الاثنان، فقال له الإمام الحسين: " ويلك يا ابن سعد أما تتقي الله الذي إليه معادك، أتقاتلني، وإنا ابن من علمت، ذر هؤلاء القوم وكن معي فإنه أقرب لك إلى الله تعالى، فقال ابن سعد: أخاف أن تهدم داري! فقال الحسين: أنا أبنيها لك، فقال ابن سعد: أخاف أن تؤخذ ضيعتي. فقال الإمام الحسين: أنا أخلف عليك خيرا منها من مالي بالحجاز، فقال ابن سعد: أنا لي عيال وأخاف عليهم، ثم سكت، فانصرف عنه الإمام الحسين وهو يقول: مالك، ذبحك الله على فراشك، ولا غفر لك يوم حشرك، فوالله إني لا أرجو أن لا تأكل

(١) الأخبار الطوال للدينوري ص ٢٥٢.
(٢) الأخبار الطوال ص ٢٥٣ والموسوعة ص 382.
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327