كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٣٣
إليهم إن هم بايعوا رسوله مسلم بن عقيل، وما الذي يمنع من مسيرته طالما أن أهل الكوفة قد أعطوه البيعة، وطالما أن له طائفة كبيرة من الأنصار والمؤيدين في البصرة، فالكوفة والبصرة عمليا هما العراق في تلك الأيام.
من مكة إلى العراق:
مكث الإمام الحسين في مكة أربعة أشهر استطاع خلالها أن يبسط قضيته العادلة أمام الخاصة والعامة من سكان مكة ومن حولها، وأن يقيم الحجة عليهم، وشهد أهل مكة ومن حولها على أنفسهم من حيث لا يشعرون، وخلال هذه الفترة إلتقى الإمام الحسين مع زوار بيت الله الحرام من معتمرين وحجاج، فأحاطهم علما بواقعة وطموحاته الشرعية وحاجته منهم.
واستجاب الإمام لمنطق الأمور، فطاف وسعى، وأحل إحرامه وجعل حجة عمرة، لأنه لم يتمكن من إتمام الحج مخافة أن يقبض عليه (1) وبعد ذلك جمع الإمام أهل بيته وأصحابه وخطب فيهم قائلا: " الحمد لله ما شاء الله، ولا قوة إلا بالله، وصلى الله على رسوله، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، ما أولهني إلى أسلافي، اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات... لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفينا أجر الصابرين.... " (2).
وبعد ذلك أمر أهله وأصحابه بالاستعداد للمسير إلى العراق حسب القراءة الموضوعية فإن الإمام سيقدم على جند مجندة له، وإن أكثرية أهل العراق معه، وحسب هذا الظاهر فما كان ينبغي للإمام أن يكون بهذه الحالة من التشاؤم، فهو يركز تركيزا عجيبا على فكرة الموت، وحتمية الموت، وأنه قدر خط بالقلم، ويبدي آلام حنينه وأشواقه إلى لقاء الخالدين من أسلافه، بل وأبعد من ذلك فإنه

(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327