سعيد بن العاص أميرا على الحاج، وولاه أمر موسم الحج، وأمره بأن يفتك بالإمام الحسين أينما وجد (1) ولأن الإمام الحسين يكره كراهية مطلقة أن تستباح به حرمة البيت (2) فقد طاف وسعى وأحل من إحرامه وجعل حجه عمرة، لأنه لم يتمكن من إتمام الحج مخافة أن يقبض عليه، وأن يضطر لمواجهة يزيد وأتباعه وقتالهم بمنطقة الحرم، ثم إن كتاب مسلم بن عقيل قد وصل إليه يدعوه للقدوم، وهو مكلف حسب تسلسل الأحداث ومنطق الظاهر أن يذهب إلى العراق، ومن هنا أصدر أوامره بالتأهب للرحيل، وخطب في أهل بيته وأصحابه قبل بدء المسير، ثم نجح بالتخلص من عسكر عمرو بن سعيد بن العاص كما أسلفنا (3).
من مكة إلى كربلاء:
في الثامن من ذي الحجة عام 60 للهجرة تحرك ركب الإمام من مكة متوجها إلى العراق فوصل إلى كربلاء باليوم الثاني من شهر محرم، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن طلائع جيش بني أمية كانت تتربص به في منطقة شراف، وأنها أعاقت حركته خلال مسيرته من شراف إلى كربلاء، وإذا أخذنا بعين الاعتبار وسائل النقل، ووجود نساء وأطفال في ركب الحسين، فإن المدة التي استغرقتها رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء تكاد أن تكون فريدة، خاصة وأن الإمام الحسين قد حرص على إقامة الحجة، وتوضيح أهدافه لكل من وجده في طريقه إلى العراق.