ثم قال: هذا واعية بواعية عثمان بن عفان، هذا ما رواه الطبري في تاريخه عن عوانة بن الحكم.
وقال أبو الفرج الأصفهاني في " الأغاني ": " بعد خروج الحسين أمر عمرو بن سعيد بن العاص صاحب شرطته على المدينة، أن يهدم دور بني هاشم، ففعل وبلغ منهم كل مبلغ " (1).
لست أدري كيف نوفق بين أفعال عمرو بن سعيد وحقده وبين إشاعة إعطائه الأمان للإمام الحسين، ورفض الإمام لهذا الأمان؟!! إلا إذا اعتبرنا أن عمرو بن سعيد قد أعطى كتاب الأمان كخدعة ليلقي القبض على الإمام الحسين، وعمرو هذا مؤهل لذلك، والإمام الحسين أهل لأن يكشف مثل هذه الخدع!! ثم إن يزيد بن معاوية وهو رأس الدولة وفرعونها يأمر واليه على المدينة بأن يأخذ البيعة من الإمام الحسين وإن أبى أن يضرب عنقه!! فهل يملك عمرو بن سعيد أن يتجاهل أوامر الذي عينه أميرا وأن يعطي الأمان للحسين!! يبدو أن أركان الخلافة لا يتقنون الكذب، ثم إن أولاد عبد الله بن جعفر خرجوا مع الإمام الحسين بمحض اختيارهم ومباركة أبيهم وعلمه واستشهدوا معه، ويروي الطبري في تاريخه أنه لما بلغ عبد الله بن جعفر مقتل ابنيه مع الحسين دخل عليه بعض مواليه والناس يعزونه، فقال: " هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين " فحذفه عبد الله بن جعفر بنعله ثم قال: " يا ابن اللخناء أللحسين تقول هذا، والله لو شهدته لأحببت أن لا أفارقه حتى أقتل معه، والله إنه لما يسخي بنفسي عنهما، ويهون علي المصاب بهما أنهما أصيبا مع أخي وابن عمي مواسين له صابرين معه "، ثم أقبل على جلسائه فقال: " الحمد لله عز علي بمصرع الحسين أن لا يكن آست حسينا يدي فقد أساه ولدي ".
هذه طبيعة عبد الله بن جعفر، وطبيعة محبته للإمام!! فهل يمكن لمثل هذا الرجل أن يقع في ألاعيب عمرو بن سعيد بن العاص وأن يغفل عن مكر يزيد وبني أمية ثانية. نقول يبدو أن أركان دولة الخلافة لا يتقنون حتى صنع الكذب