قسما مبرورا لجهاده على الدين أفضل من جهاد المشركين، وهذا الحسين بن علي ابن بنت رسول الله، ذو الشرف الأصيل والرأي الأثيل، له فضل لا يوصف، وعلم لا ينزف، وهو أولى بهذا الأمر لسابقته وسنه وقدمه وقرابته، يعطف على الصغير، ويحنو على الكبير، فأكرم به راعي رعية، وإمام قومه، وجبت لله به الحجة، وبلغت به الموعظة فلا تعشوا عن نور الحق، ولا تسكعوا في وهدة الباطل، فقد كان صخر بن قيس انخذل بكم يوم الجمل فاغسلوها بخروجكم إلى ابن بنت رسول الله ونصرته، وكتب إلى الإمام الحسين كتابا جاء فيه:
" بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فقد وصل إلي كتابك، وفهمت ما ندبتني إليه، ودعوتني له من الأخذ بخطي من طاعتك، والفوز بنصيبي من نصرتك وإن الله لم يخل الأرض قط من عامل عليها بخير أو دليل على سبيل نجاة، وأنتم حجة الله على خلقه، ووديعته في أرضه، تفرعتم من زيتونة أحمدية هو أصلها وأنتم فرعها، فأقدم سعدت بأسعد طائر، فقد ذلت لك أعناق بني تميم، وتركتهم أشد تتابعا في طاعتك من الإبل الظماء لورود الماء يوم خمسها وكظها، وقد ذلت لك رقاب بني سعد، وغسلت درن صدورهم، بماء سحابة مزن حين استهل برقها فلمع " (1).
فما قرأ الإمام الحسين الكتاب سر سرورا عظيما وقال: " آمنك الله يوم الخوف، وأعزك وأرواك يوم العطش ".
إما المنذر بن جارود فإنه جاء بالكتاب وبالرسول إلى عبيد الله بن زياد لأن المنذر خشي أن يكون الكتاب دسيسا من عبيد الله.
تصميم الإمام الحسين على الخروج إلى العراق:
لما وصلت كتب أهل الكوفة مع رسلهم وكتاب يزيد بن مسعود من البصرة، أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل لأخذ البيعة من القوم، فلما جاءه كتاب مسلم صمم الإمام على المسير إلى العراق، لأنه كان قد وعد أهل العراق بالقدوم